المسألة الرابعة: قوله: * (وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى) * يفيد أن التكليف ساقط عن الناسي قال الجبائي: إذا كان عدم العلم بالشيء يوجب سقوط التكليف، فعدم القدرة على الشيء أولى بأن يوجب سقوط التكليف. وهذا يدل على أن تكليف مالا يطاق لا يقع، ويدل على أن الاستطاعة حاصلة قبل الفعل لأنها لو لم تحصل إلا مع الفعل لما كانت حاصلة قبل الفعل. فوجب أن لا يكون الكافر قادرا على الإيمان فوجب أن لا يتوجه عليه الأمر بالإيمان. واعلم أن هذه الكلمات كثر ذكرها في هذا الكتاب مع الجواب فلا نطول الكلام بذكر الجواب. والله أعلم.
قوله تعالى * (وما على الذين يتقون من حسابهم من شىء ولكن ذكرى لعلهم يتقون * وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحيوة الدنيا وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت ليس لها من دون الله ولى ولا شفيع وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منهآ أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون) *.
قال ابن عباس: قال المسلمون لئن كنا كلما استهزأ المشركون بالقرآن وخاضوا فيه قمنا عنهم لما قدرنا على أن نجلس في المسجد الحرام وأن نطوف بالبيت، فنزلت هذه الآية وحصلت الرخصة فيها للمؤمنين بأن يقعدوا معهم ويذكرونهم ويفهمونهم. قال ومعنى الآية: * (وما على الذين يتقون) * الشرك والكبائر والفواحش * (من حسابهم) * من آثامهم * (من شيء ولكن ذكرى) * قال الزجاج: قوله * (ذكرى) * يجوز أن يكون في موضع رفع، وأن يكون في موضع نصب. أما كونه في موضع رفع فمن وجهين: الأول: ولكن عليكم ذكرى أي أن تذكروهم وجائز أن يكون ولكن الذي تأمرونهم به ذكرى، فعلى الوجه الأولى الذكرى بمعنى التذكير، وعلى الوجه الثاني الذكرى تكون بمعنى الذكر وأما كونه في موضع النصب، فالتقدير ذكروهم ذكرى لعلهم يتقون. والمعنى لعل ذلك الذكرى يمنعهم من الخوض في ذلك الفضول.
قوله تعالى: * (وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا وذكر به أن تبسل نفس