والسلام: " من ترك الصلاة متعمدا فقد كفر " فلما اختصت الصلاة بهذا النوع من التشريف، لا جرم خصها الله بالذكر في هذا المقام. والله أعلم.
قوله تعالى * (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحى إلى ولم يوح إليه شىء ومن قال سأنزل مثل مآ أنزل الله ولو ترى إذ الظالمون فى غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن ءاياته تستكبرون) *.
اعلم أنه تعالى لما شرح كون القرآن كتابا نازلا من عند الله وبين ما فيه من صفات الجلالة والشرف والرفعة، ذكر عقيبه ما يدل على وعيد من ادعى النبوة والرسالة على سبيل الكذب والافتراء فقال: * (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا) * وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: اعلم أنه تعالى عظم وعيد من ذكر أحد الأشياء الثلاثة: فأولها: أن يفتري على الله كذبا. قال المفسرون: نزل هذا في مسيلمة الكذاب صاحب اليمامة، وفي الأسود العنسي صاحب صنعاء، فإنهما كانا يدعيان النبوة والرسالة من عند الله على سبيل الكذب والافتراء، وكان مسيلمة يقول: محمد رسول قريش، وأنا رسول بني حنيفة. قال القاضي: الذي يفتري على الله الكذب يدخل فيه من يدعي الرسالة كذبا، ولكن لا يقتصر عليه، لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. فكل من نسب إلى الله تعالى ما هو برئ منه، إما في الذات، وإما في الصفات وإما في الأفعال كان داخلا تحت هذا الوعيد. قال: والافتراء على الله في صفاته، كالمجسمة، وفي عدله كالمجبرة، لأن هؤلاء قد ظلموا أعظم أنواع الظلم بأن افتروا على الله الكذب، وأقول: أما قوله: المجسمة قد افتروا على الله الكذب، فهو حق. وأما قوله: إن هذا افتراء على الله في صفاته، فليس بصحيح.