عنه فقال: * (إلا أن يشاء الله) * والمستثنى يجب أن يكون من جنس المستثنى عنه. والإيمان الحاصل بالإلجاء والقهر ليس من جنس الإيمان الاختياري. فثبت أنه لا يجوز أن يقال المراد بقولنا إلا أن يشاء الله، الإيمان الاضطراري بل يجب أن يكون المراد منه الإيمان الاختياري، وحينئذ يتوجه دليل أصحابنا ويسقط عنه سؤال المعتزلة بالكلية.
المسألة الثانية: قال الجبائي قوله تعالى: * (إلا أن يشاء الله) * يدل على حدوث مشيئة الله تعالى، لأنها لو كانت قديمة لم يجز أن يقال ذلك، كما لا يقال لا يذهب زيد إلى البصرة إلا أن يوحد الله تعالى، وتقريره، أنا إذا قلنا: لا يكون كذلك إلا أن يشاء الله فهذا يقتضي تعليق حدوث هذا الجزاء على حصول المشيئة فلو كانت المشيئة قديمة لكان الشرط قديما، ويلزم من حصول الشرط حصول المشروط، فيلزم كون الجزاء قديما. والحس دل على أنه محدث فوجب كون الشرط حادثا، وإذا كان الشرط هو المشيئة لزم القول بكون المشيئة حادثة. هذا تقرير هذا الكلام.
والجواب: أن المشيئة وإن كانت قديمة إلا أن تعلقها بإحداث ذلك المحدث في الحال إضافة حادثة وهذا القدر يكفي لصحة هذ الكلام، ثم أنه تعالى ختم هذه الآية بقوله: * (ولكن أكثرهم يجهلون) * قال أصحابنا: المراد، يجهلون بأن الكل من الله وبقضائه وقدره. وقال المعتزلة: المراد، أنهم جهلوا أنهم يبقون كفارا عند ظهور الآيات التي طلبوها والمعجزات التي اقترحوها وكان أكثرهم يظنون ذلك.
قوله تعالى * (وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا شياطين الإنس والجن يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شآء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون) *.
في الآية مسائل:
المسألة الأولى: قوله: * (وكذلك) * منسوق على شيء وفي تعيين ذلك الشيء قولان: الأول: أنه منسوق على قوله: * (وكذلك زينا لكل أمة عملهم) * أي كما فعلنا ذلك * (كذلك جعلنا لكل نبي عدوا) * الثاني: معناه: جعلنا لك عدوا كما جعلنا لمن قبلك من الأنبياء فيكون قوله: * (كذلك) * عطفا