يظهر فساد قول من يقول: إن ما يوجد في القلب لا يؤاخذ به إذا لم يقترن به عمل فإنه تعالى نهى عن كل هذه الأقسام بهذه الآية.
ثم قال تعالى: * (إن الذين يكسبون الإثم سيجزون بما كانوا يقترفون) * ومعنى الاقتراف قد تقدم ذكره. وظاهر النص يدل على أنه لا بد وأن يعاقب المذنب، إلا أن المسلمين أجمعوا على أنه إذا تاب لم يعاقب، وأصحابنا زادوا شرطا ثانيا، وهو أنه تعالى قد يعفو عن المذنب فيترك عقابه كما قال الله تعالى: * (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) * (النساء: 48).
* (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أوليآئهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون) *.
اعلم أنه تعالى لما بين أنه يحل أكل ما ذبح على اسم الله، ذكر بعده تحريم ما لم يذكر عليه اسم الله، ويدخل فيه الميتة، ويدخل فيه ما ذبح على ذكر الأصنام، والمقصود منه إبطال ما ذكره المشركون. وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: نقل عن عطاء أنه قال: كل ما لم يذكر عليه اسم الله من طعام أو شراب، فهو حرام، تمسكا بعموم هذه الآية. وأما سائر الفقهاء فإنهم أجمعوا على تخصيص هذا العموم بالذبح، ثم اختلفوا فقال مالك: كل ذبح لم يذكر عليه اسم الله فهو حرام، سواء ترك ذلك الذكر عمدا أو نسيانا. وهو قول ابن سيرين وطائفة من المتكلمين. وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى: إن ترك الذكر عمدا حرم، وإن ترك نسيانا حل. وقال الشافعي رحمه الله تعالى: يحل متروك التسمية سواء ترك عمدا أو خطأ إذا كان الذابح أهلا للذبح، وقد ذكرنا هذه المسألة على الاستقصاء في تفسير قوله: * (إلا ما ذكيتم) * (المائدة: 3) فلا فائدة في الإعادة، قال الشافعي رحمه الله تعالى: هذا النهي مخصوص بما إذا ذبح على اسم النصب، ويدل عليه وجوه: أحدها: قوله تعالى: * (وإنه لفسق) * وأجمع المسلمون على أنه لا يفسق أكل ذبيحة المسلم الذي ترك التسمية. وثانيها: قوله تعالى: * (وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم) * (الأنعام: 121) وهذه المناظرة إنما كانت في مسألة الميتة، روي أن ناسا من المشركين قالوا للمسلمين: ما يقتله الصقر والكلب تأكلونه، وما يقتله الله فلا تأكلونه. وعن ابن عباس أنهم قالوا: