زخرف القول لأجل التغرير وإنما جعلنا مثل هذا الشخص عدوا للنبي لتصغى إليه أفئدة الكفار، فيبعدوا بذلك السبب عن قبول دعوة ذلك النبي، وحينئذ لا يلزم على هذا التقدير عطف الشيء على نفسه. فثبت أن ما ذكرناه أولى.
المسألة الثالثة: زعم أصحابنا أن البنية ليست مشروطا للحياة، فالحي هو الجزء الذي قامت به الحياة، والعالم هو الجزء الذي قام به العلم، وقالت المعتزلة: الحي والعالم هو الجملة " لا " ذلك الجزء.
إذا عرفت هذا فنقول: احتج أصحابنا بهذه الآية على صحة قولهم، لأنه قال تعالى: * (ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون) * فجعل الموصوف بالميل والرغبة هو القلب، لا جملة الحي، وذلك يدل على قولنا.
المسألة الرابعة: الذين قالوا الإنسان شيء مغاير للبدن اختلفوا. منهم من قال: المتعلق الأول هو القلب، وبواسطته تتعلق النفس بسائر الأعضاء كالدماغ والكبد. ومنهم من قال: القلب متعلق النفس الحيوانية، والدماغ متعلق النفس الناطقة، والكبد متعلق النفس الطبيعية، والأولون تعلقوا بهذه الآية، فإنه تعالى جعل محل الصغو الذي هو عبارة عن الميل والإرادة؛ القلب، وذلك يدل على أن المتعلق بالنفس القلب. المسألة الخامسة: الكناية في قوله: * (ولتصغى إليه أفئدة) * عائدة إلى زخرف القول، وكذلك في قوله: * (وليرضوه) *.
وأما قوله: * (وليقترفوا ما هم مقترفون) * فاعلم أن الاقتراف هو الاكتساب، يقال في المثل: الاعتراف يزيل الاقتراف، كما يقال: التوبة تمحو الحوبة. وقال الزجاج: * (ليقترفوا) * أي ليختلفوا وليكذبوا، والأول أصح.
قوله تعالى * (أفغير الله أبتغى حكما وهو الذى أنزل إليكم الكتاب مفصلا والذين ءاتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين) *.
فيه مسائل: