عمرو بن لحي أقدم على هذه المذاهب عن الجهالة الصرفة والضلالة المحضة. وقال الزجاج: المراد منه الذين يحللون الميتة ويناظرونكم في إحلالها، ويحتجون عليها بقولهم لما حل ما تذبحونه أنتم فبأن يحل ما يذبحه الله أولى. وكذلك كل ما يضلون فيه من عبادة الأوثان والطعن في نبوة محمد عليه الصلاة والسلام فإنما يتبعون فيه الهوى والشهوة، ولا بصيرة عندهم ولا علم. المسألة الثالثة: دلت هذه الآية على أن القول في الدين بمجرد التقليد حرام، لأن القول بالتقليد قول بمحض الهوى والشهوة، والآية دلت على أن ذلك حرام.
ثم قال تعالى: * (إن ربك هو أعلم بالمعتدين) * والمراد منه أنه هو العالم بما في قلوبهم وضمائرهم من التعدي وطلب نصرة الباطل والسعي في إخفاء الحق، وإذا كان عالما بأحوالهم وكان قادرا على مجازاتهم فهو تعالى يجازيهم عليها، والمقصود من هذه الكلمة التهديد والتخويف. والله أعلم.
* (وذروا ظاهر الإثم وباطنه إن الذين يكسبون الإثم سيجزون بما كانوا يقترفون) *.
اعلم أنه تعالى لما بين أنه فصل المحرمات أتبعه بما يوجب تركها بالكلية بقوله: * (وذروا ظاهر الإثم وباطنه) * والمراد من الإثم ما يوجب الإثم، وذكروا في ظاهر الإثم وباطنه وجهين: الأول: أن * (ظاهر الإثم) * الإعلان بالزنا * (وباطنه) * الاستسرار به. قال الضحاك: كان أهل الجاهلية يرون الزنا حلالا ما كان سرا، فحرم الله تعالى بهذه الآية السر منه والعلانية. الثاني: أن هذا النهي عام في جميع المحرمات وهو الأصح، لأن تخصيص اللفظ العام بصورة معينة من غير دليل غير جائز، ثم قيل: المراد ما أعلنتم وما أسررتم، وقيل: ما عملتم وما نويتم. وقال ابن الأنباري: يريد وذروا الإثم من جميع جهاته كما تقول: ما أخذت من هذا المال قليلا ولا كثيرا، تريد ما أخذت منه بوجه من الوجوه، وقال آخرون: معنى الآية النهي عن الإثم مع بيان أنه لا يخرج من كونه إثما بسبب إخفائه وكتمانه، ويمكن أن يقال: المراد من قوله: * (وذروا ظاهر الإثم) * النهي عن الإقدام على الإثم، ثم قال: * (وباطنه) * ليظهر بذلك أن الداعي له إلى ترك ذلك الإثم خوف الله لا خوف الناس. وقال آخرون: * (ظاهر الإثم) * أفعال الجوارح * (وباطنه) * أفعال القلوب من الكبر والحسد والعجب وإرادة السوء للمسلمين، ويدخل فيه الاعتقاد والعزم والنظر والظن والتمني واللوم على الخيرات، وبهذا