قوله تعالى * (وقالوا ما فى بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا وإن يكن ميتة فهم فيه شركآء سيجزيهم وصفهم إنه حكيم عليم) *.
وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: هذا نوع رابع من أنواع قضاياهم الفاسدة. كانوا يقولون في أجنة البحائر والسوائب ما ولد منها حيا فهو خالص لذكور لا تأكل منها الأناث، وما ولد ميتا اشترك فيه الذكور والإناث. سيجزيهم وصفهم، والمراد منه الوعيد * (إنه حكيم عليم) * ليكون الزجر واقعا على حد الحكمة وبحسب الاستحقاق.
المسألة الثانية: ذكر ابن الأنباري في تأنيث * (خالصة) * ثلاثة أقوال: قولين للفراء وقولا للكسائي: أحدها: أن الهاء ليست للتأنيث. وإنما هي للمبالغة في الوصف كما قالوا: راوية، وعلامة، ونسابة، والداهية، والطاغية. كذلك يقول؛ هو خالصة لي، وخالص لي. هذا قول الكسائي. والقول الثاني: أن * (ما) * في قوله: * (ما في بطون هذه الأنعام) * عبارة عن الأجنة، وإذا كان عبارة عن مؤنث جاز تأنيثه على المعنى، وتذكيره على اللفظ، كما في هذه الآية، فإنه أنث خبره الذي هو * (خالصة) * لمعناه، وذكر في قوله: * (ومحرم) * على اللفظ. والثالث: أن يكون مصدرا والتقدير: ذو خالصة كقولهم: عطاؤك عافية، والمطر رحمة، والرخص نعمة.
المسألة الثالثة: قرأ ابن عامر * (وإن تكن) * بالتاء و * (ميتة) * بالنصب وقرأ ابن كثير * (يكن) * بالياء * (ميتة) * بالرفع، وقرأ أبو بكر عن عاصم * (تكن) * بالتاء * (ميتة) * بالنصب، والباقون * (يكن) * بالياء * (ميتة) * بالنصب. أما قراءة ابن عامر، فوجهها أنه ألحق الفعل علامة التأنيث لما كان الفاعل مؤنثا في اللفظ وأما قراءة ابن كثير فوجهها أن قوله: * (ميتة) * اسم * (يكن) * وخبره مضمر. والتقدير: وإن يكن لهم ميتة أو وإن يكن هناك ميتة. وذكر لأن الميتة في معنى الميت. قال أبو علي: لم يلحق الفعل علامة التأنيث لما كان الفاعل المسند إليه تأنيثه غير حقيقي، ولا يحتاج الكون إلى خبر، لأنه بمعنى حدث ووقع. وأما قراءة عاصم * (تكن) * بالتاء * (ميتة) * بالنصب فالتقدير وإن تكن المذكور ميته فأنث