هو المستحق للمعبودية، فهذا يشعر بصحة ما يذكره بعض أصحابنا من أن الاله عبارة عن القادر على الخلق والابداع والايجاد والاختراع.
(المسألة الخامسة) احتج كثيرة م المعتزلة بقوله (خالق كل شئ) على نفى الصفات. وعلى كون القرآن مخلوقا، أما نفى الصفات فلأنهم قالوا: لو كان تعالى عالما بالعلم قادرا بالقدرة، لكان ذلك العلم والقدرة إما أن يقال: إنهما قديمان، أو محدثان. والأول باطل لان عموم قوله (خالق كل شئ) يقتضى كونه خالقا لكل الأشياء أدخلنا التخصيص في هذا العموم بحسب ذاته تعالى ضرورة أن يمتنع أن يكون خالقا لنفسه فوجب أن يبقى على عمومه فيما سواه. والقول باثبات الصفات القديمة يقتضى مزيد التحصيص في هذا العموم وأنه لا يجوز والثاني: وهو القول بحدوث علم الله وقدرته. فهو باطل بالاجماع. لأنه يلزم افتقار إيجاد ذلك العلم والقدرة إلى سبق علم آخر وقدرة أخرى. وأن ذلك محال. وأما تمسكهم بهذه الآية على كون القرآن مخلوقا. فقالوا: القرآن شئ وكل شئ فهو مخلوق لله تعالى بحكم هذا العموم. فلزم كون القرآن مخلوقا لله تعالى أقصى ما في هذا الباب أن هذا العموم دخله التخصيص في ذات الله تعالى، إلا أن العام المخصوص حجة في غير محل التحصيص، ولذلك فان دخول هذا التحصيص في هذا العموم لم يمنع أهل السنة من التمسك به في إثبات أ أفعال العباد مخلوقة لله تعالى.
وجواب أصحابنا عنه: أنا نخصص هذا العموم بالدلائل الدالة على كونه تعالى عالما بالعلم قادرا بالقدرة وبالدلائل الدالة على أن كلام الله تعالى قديم.
(المسألة السادسة) قوله تعالى (وهو على كل شئ وكيل) المراد منه أن يحصل للعبد كمال التوحيد وتقريره، وهو أن العبد وإن كان يعتقد أن لا إله إلا هو، وأنه لا مدبر إلا الله تعالى، إلا أن هذا العالم عالم الأسباب.
وسمعت الشيخ الامام الزاهد الوالد رحمه الله يقول: لولا الأسباب لما ارتاب مرتاب.
وإذا كان الامر كذلك. فقد يعلق الرجل القلب بالأسباب الظاهرة، فتارة يعتمد على الأمير، وتارة يجع في تحصيل مهماته إلي الوزير، فحينئذ إلى الوزير، فحينئذ لا ينال إلا الحرمان ولا يجد إلا تكثير الأحزان، والحق تعالى قال (وهو على كل شئ وكيل) والمقصود أن يعلم الرجل أن لا حافظ إلا الله، ولا مصلح للمهمات إلا الله، فحينئذ ينقطع طمعه عن كل ما سواء ولا يرجع في مهم من المهمات إلا اليه.
(المسألة السابعة) أن قال: قبل هذه الآية بقليل (وخلق كل شئ) وقال ههنا (خالق كل شئ) وهذا كالتكرار.