السماء ماء طهورا) * (الفرقان: 48) وقال: * (وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به) * (الأنفال: 11) وقال: * (وينزل من السماء من جبال فيها من برد) * (النور: 43) فثبت أن الحق، أنه تعالى ينزل المطر من السماء بمعنى أنه يخلق هذه الأجسام في السماء. ثم ينزلها إلى السحاب. ثم من السحاب إلى الأرض.
والقول الثاني: المراد إنزال المطر من جانب السماء ماء.
والقول الثالث: أنزل من السحاب ماء وسمى الله تعالى السحاب سماء، لأن العرب تسمي كل ما فوقك سماء كسماء البيت، فهذا ما قيل في هذا الباب.
المسألة الثانية: نقل الواحدي في " البسيط " عن ابن عباس: يريد بالماء ههنا المطر ولا ينزل نقطة من المطر إلا ومعها ملك، والفلاسفة يحملون ذلك الملك على الطبيعة الحالة في تلك الجسمية الموجبة لذلك النزول، فأما أن يكون معه ملك من ملائكة السماوات، فالقول به مشكل والله أعلم.
المسألة الثالثة: قوله: * (فأخرجنا به نبات كل شيء) * فيه أبحاث:
البحث الأول: ظاهر قوله: * (فأخرجنا به نبات كل شيء) * يدل على أنه تعالى إنما أخرج النبات بواسطة الماء، وذلك يوجب القول بالطبع والمتكلمون ينكرونه، وقد بالغنا في تحقيق هذه المسألة في سورة البقرة في تفسير قوله تعالى: * (وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم) * فلا فائدة في الإعادة.
البحث الثاني: قال الفراء: قوله: * (فأخرجنا به نبات كل شيء) * ظاهره يقتضي أن يكون لكل شيء نبات. وليس الأمر كذلك، فكان المراد فأخرجنا به نبات كل شيء له نبات، فإذا كان كذلك، فالذي لا نبات له لا يكون داخلا فيه.
البحث الثالث: قوله: * (فأخرجنا به) * بعد قوله: * (أنزل) * يسمى التفاتا. ويعد ذلك من الفصاحة.
واعلم أن أصحاب العربية ادعوا أن ذلك يعد من الفصاحة. وما بينوا أنه من أي الوجوه يعد من هذا الباب؟ وأما نحن فقد أطنبنا فيه في تفسير قوله تعالى: * (حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة) * (يونس: 22) فلا فائدة في الإعادة.
والبحث الرابع: قوله: * (فأخرجنا) * صيغة الجمع. والله واحد فرد لا شريك له، إلا أن الملك العظيم إذا كنى عن نفسه، فإنما يكنى بصيغة الجمع، فكذلك ههنا. ونظيره قوله: * (إنا أنزلناه. إنا أرسلنا نوحا. إنا نحن نزلنا الذكر) *.
أما قوله: * (فأخرجنا منه خضرا) * فقال الزجاج: معنى خضر، كمعنى أخضر، يقال أخضر