بالاستهزاء والثاني: أن معاملة الله معهم كانت شبيهة بالمكر فسمي بذلك الثالث: أن هذا اللفظ ليس من المتشابهات، لأنه عبارة عن التدبير المحكم الكامل ثم اختص في العرف بالتدبير في إيصال الشر إلى الغير، وذلك في حق الله تعالى غير ممتنع والله أعلم.
قوله تعالى * (إذ قال الله ياعيسى إني متوفيك ورافعك إلى ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ثم إلي مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون) *.
في الآية مسائل:
المسألة الأولى: العامل في * (إذ) * قوله * (ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين) * أي وجد هذا المكر إذ قال الله هذا القول، وقيل التقدير: ذاك إذ قال الله.
المسألة الثانية: اعترفوا بأن الله تعالى شرف عيسى في هذه الآية بصفات:
الصفة الأولى: * (إني متوفيك) * ونظيره قوله تعالى حكاية عنه * (فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم) * (المائدة: 117) واختلف أهل التأويل في هاتين الآيتين على طريقين أحدهما: إجراء الآية على ظاهرها من غير تقديم، ولا تأخير فيها والثاني: فرض التقديم والتأخير فيها، أما الطريق الأول فبيانه من وجوه الأول: معنى قوله * (إني متوفيك) * أي متمم عمرك، فحينئذ أتوفاك، فلا أتركهم حتى يقتلوك، بل أنا رافعك إلى سمائي، ومقربك بملائكتي، وأصونك عن أن يتمكنوا من قتلك وهذا تأويل حسن والثاني: * (متوفيك) * أي مميتك، وهو مروي عن ابن عباس، ومحمد بن إسحاق قالوا: والمقصود أن لا يصل أعداؤه من اليهود إلى قتله ثم إنه بعد ذلك أكرمه بأن رفعه إلى السماء ثم اختلفوا على ثلاثة أوجه أحدها: قال وهب: توفي ثلاثة ساعات، ثم رفع وثانيها: قال محمد بن إسحاق: توفي سبع ساعات، ثم أحياه الله ورفعه الثالث: قال الربيع بن أنس: أنه تعالى توفاه حين رفعه إلى السماء، قال تعالى: * (الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها) * (الزمر: 42).
الوجه الرابع: في تأويل الآية أن الواو في قوله * (متوفيك ورافعك إلي) * تفيد الترتيب