له كرها فيما يخالف طباعهم من المرض والفقر والموت وأشباه ذلك، وأما الكافرون فهم ينقادون لله تعالى على كل حال كرها لأنهم لا ينقادون فيما يتعلق بالدين، وفي غير ذلك مستسلمون له سبحانه كرها، لأنه لا يمكنهم دفع قضائه وقدره الثالث: أسلم المسلمون طوعا، والكافرون عند موتهم كرها لقوله تعالى: * (فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا) * (غافر: 85) الرابع: أن كل الخلق منقادون لإلهيته طوعا بدليل قوله تعالى: * (ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله) * (لقمان: 25) ومنقادون لتكاليفه وإيجاده للآلام كرها الخامس: أن انقياد الكل إنما حصل وقت أخذ الميثاق وهو قوله تعالى: * (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى) * (الأعراف: 172) السادس: قال الحسن: الطوع لأهل السماوات خاصة، وأما أهل الأرض فبعضهم بالطوع وبعضهم بالكره، وأقول: إنه سبحانه ذكر في تخليق السماوات والأرض هذا وهو قوله * (فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا آتينا طائعين) * (فصلت: 11) وفيه أسرار عجيبة.
أما قوله * (وإليه ترجعون) * فالمراد أن من خالفه في العاجل فسيكون مرجعه إليه، والمراد إلى حيث لا يملك الضر والنفع سواه هذا وعيد عظيم لمن خالف الدين الحق.
المسألة الثانية: قال الواحدي رحمه الله: الطوع الانقياد، يقال: طاعة يطوعه طوعا إذا انقاد له وخضع، وإذا مضى لأمره فقد أطاعه، وإذا وافقه فقد طاوعه، قال ابن السكيت: يقال طاع له وأطاع، فانتصب طوعا وكرها على أنه مصدر وقع موقع الحال، وتقديره طائعا وكارها، كقولك أتاني راكضا، ولا يجوز أن يقال: أتاني كلاما أي متكلما، لأن الكلام ليس يضرب للإتيان والله أعلم.
قوله تعالى * (قل ءامنا بالله ومآ أنزل علينا ومآ أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والاسباط وما أوتى موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون) *.
اعلم أنه تعالى لما ذكر في الآية المتقدمة أنه إنما أخذ الميثاق على الأنبياء في تصديق الرسول