قوله تعالى * (قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين) *.
يروى أنه لما نزل قوله * (قل إن كنتم تحبون الله) * الآية قال عبد الله بن أبي: إن محمدا يجعل طاعته كطاعة الله، ويأمرنا أن نحبه كما أحبت النصارى عيسى، فنزلت هذه الآية، وتحقيق الكلام أن الآية الأولى لما اقتضت وجوب متابعته، ثم إن المنافق ألقى شبهة في الدين، وهي أن محمدا يدعي لنفسه ما يقوله النصارى في عيسى، ذكر الله تعالى هذه الآية إزالة لتلك الشبهة، فقال: * (قل أطيعوا الله والرسول) * يعني إنما أوجب الله عليكم متابعتي لا كما تقول النصارى في عيسى بل لكوني رسولا من عند الله، ولما كان مبلغ التكاليف عن الله هو الرسول لزم أن تكون طاعته واجبة فكان إيجاب المتابعة لهذا المعنى لا لأجل الشبه التي ألقاها المنافق في الدين.
ثم قال تعالى: * (فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين) * يعني إن أعرضوا فإنه لا يحصل لهم محبة الله، لأنه تعالى إنما أوجب الثناء والمدح لمن أطاعه، ومن كفر استوجب الذلة والإهانة، وذلك ضد المحبة والله أعلم.
قوله تعالى * (إن الله اصطفى آدم ونوحا وءال إبراهيم وءال عمران على العالمين * ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم) *.
اعلم أنه تعالى لما بين أن محبته لا تتم إلا بمتابعة الرسل بين علو درجات الرسل وشرف مناصبهم فقال: * (إن الله اصطفى آدم) * وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: اعلم أن المخلوقات على قسمين: المكلف وغير المكلف واتفقوا على أن المكلف أفضل من غير المكلف، واتفقوا على أن أصناف المكلف أربعة: الملائكة، والإنس والجن، والشياطين، أما الملائكة، فقد روي في الأخبار أن الله تعالى خلقهم من الريح ومنهم من احتج بوجوه عقلية على صحة ذلك فالأول: أنهم لهذا السبب قدروا على الطيران على أسرع الوجوه والثاني: لهذا السبب قدروا على حمل العرش، لأن الريح تقوم بحمل الأشياء الثالث: لهذا السبب