الرؤية، لأنه تعالى يراهم كما يرى غيرهم، ولا يجوز أن يكون المراد من النظر تقليب الحدقة إلى جانب المرئي التماسا لرؤيته لأن هذا من صفات الأجسام، وتعالى إلهنا عن أن يكون جسما، وقد احتج المخالف بهذه الآية على أن النظر المقرون بحرف (إلى) ليس للرؤية وإلا لزم في هذه الآية أن لا يكون الله تعالى رائيا لهم وذلك باطل.
وأما الرابع: وهو قوله * (ولا يزكيهم) * ففيه وجوه الأول: أن لا يطهرهم من دنس ذنوبهم بالمغفرة بل يعاقبهم عليها والثاني: لا يزكيهم أي لا يثني عليهم كما يثني على أوليائه الأزكياء والتزكية من المزكى للشاهد مدح منه له.
واعلم أن تزكية الله عباده قد تكون على ألسنة الملائكة كما قال: * (والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار) * (الرعد: 23، 24) وقال: * (وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون) * (الأنبياء: 103) * (نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة) * (فصلت: 21) وقد تكون بغير واسطة، أما في الدنيا فكقوله * (التائبون العابدون) * (التوبة: 112) وأما في الآخرة فكقوله * (سلام قولا من رب رحيم) * (يس: 58).
وأما الخامس: وهو قوله * (ولهم عذاب أليم) * فاعلم أنه تعالى لما بين حرمانهم من الثواب بين كونهم في العقاب الشديد المؤلم.
قوله تعالى * (وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون) *.
اعلم أن هذه الآية تدل على أن الآية المتقدمة نازلة في اليهود بلا شك لأن هذه الآية نازلة في حق اليهود وهي معطوفة على ما قبلها فهذا يقتضي كون تلك الآية المتقدمة نازلة في اليهود أيضا واعلم أن * (اللي) * عبارة عن عطف الشيء ورده عن الاستقامة إلى الاعوجاج، يقال: لويت يده، والتوى الشيء إذا انحرف والتوى فلان على إذا غير أخلافه عن الاستواء إلى ضده، ولوى لسانه عن كذا إذا غيره، ولوى فلانا عن رأيه إذا أماله عنه، وفي الحديث: " لي الواجد ظلم " وقال تعالى: * (وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين) * (النساء: 46).