عزا، ولذلك استوى في الوصف به المذكر والمؤنث والواحد والجمع قال تعالى: * (لا هن حل لهم) * (الممتحنة: 10) والوصف بالمصدر يفيد المبالغة فههنا الحل والمحلل واحد، قال ابن عباس رضي الله عنهما في زمزم هي حل وبل رواه سفيان بن عيينة فسئل سفيان: ما حل؟ فقال محلل.
أما قوله تعالى: * (إلا ما حرم إسرائيل على نفسه) * ففيه مسائل:
المسألة الأولى: اختلفوا في الشيء الذي حرمه إسرائيل على نفسه على وجوه الأول: روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن يعقوب مرض مرضا شديدا فنذر لئن عافاه الله ليحرمن أحب الطعام والشراب عليه، وكان أحب الطعام إليه لحمان الإبل وأحب الشراب إليه ألبانها " وهذا قول أبي العالية وعطاء ومقاتل والثاني: قيل إنه كان به عرق النساء، فنذر إن شفاه الله أن لا يأكل شيئا من العروق الثالث: جاء في بعض الروايات أن الذي حرمه على نفسه زوائد الكبد والشحم إلا ما على الظهر، ونقل القفال رحمه الله عن ترجمة التوراة، أن يعقوب لما خرج من حران إلى كنعان بعث بردا إلى عيصو أخيه إلى أرض ساعير، فانصرف الرسول إليه، وقال: إن عيصو هو ذا يتلقاك ومعه أربعمائة رجل، فذعر يعقوب وحزن جدا وصلى ودعا وقدم هدايا لأخيه وذكر القصة إلى أن ذكر الملك الذي لقيه في صورة رجل، فدنا ذلك الرجل ووضع أصبعه على موضع عرق النساء، فخدرت تلك العصبة وجفت فمن أجل هذا لا يأكل بنو إسرائيل العروق.
المسألة الثانية: ظاهر الآية يدل على أن إسرائيل حرم ذلك على نفسه، وفيه سؤال: وهو أن التحريم والتحليل إنما يثبت بخطاب الله تعالى، فكيف صار تحريم يعقوب عليه السلام سببا لحصوله الحرمة.
أجاب المفسرون عنه من وجوه الأول: أنه لا يبعد أن الإنسان إذا حرم شيئا على نفسه فإن الله يحرمه عليه ألا ترى أن الإنسان يحرم امرأته على نفسه بالطلاق، ويحرم جاريته بالعتق، فكذلك جائز أن يقول تعالى إن حرمت شيئا على نفسك فأنا أيضا أحرمه عليك الثاني: أنه عليه الصلاة والسلام ربما اجتهد فأدى اجتهاده إلى التحريم، فقال بحرمته وإنما قلنا: إن الاجتهاد جائز من الأنبياء لوجوه الأول: قوله تعالى: * (فاعتبروا يا أولي الأبصار) * (الحشر: 2) ولا شك أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام رؤساء أولي الأبصار والثاني: قال: * (لعلمه الذين يستنبطونه منهم) * (النساء: 83) مدح المستنبطين والأنبياء أولى بهذا المدح والثالث: قال تعالى لمحمد عليه الصلاة والسلام * (عفا الله عنك لم أذنت لهم) * (التوبة: 43) فلو كان ذلك الإذن بالنص، لم يقل: لم أذنت،