والجواب: هذا محمول على أنهم هم الضالون على سبيل الكمال.
السؤال الثاني: وصفهم أولا بالتمادي على الكفر والغلو فيه والكفر أقبح أنواع الضلال والوصف إنما يراد للمبالغة، والمبالغة إنما تحصل بوصف الشيء بما هو أقوى حالا منه لا بما هو أضعف حالا منه والجواب: قد ذكرنا أن المراد أنهم هم الضالون على سبيل الكمال، وعلى هذا التقدير تحصل المبالغة.
قوله تعالى * (إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الارض ذهبا ولو افتدى به أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين) *.
اعلم أن الكافر على ثلاثة أقسام أحدها: الذي يتوب عن الكفر توبة صحيحة مقبولة وهو الذي ذكره الله تعالى في قوله * (إلا الذين تابوا وأصلحوا فإن الله غفور رحيم) * (آل عمران: 89) وثانيهما: الذي يتوب عن ذلك الكفر توبة فاسدة وهو الذي ذكره الله في الآية المتقدمة وقال: إنه لن تقبل توبته وثالثهما: الذي يموت على الكفر من غير توبة البتة وهو المذكور في هذه الآية، ثم إنه تعالى أخبر عن هؤلاء بثلاثة أنواع.
النوع الأول: قوله * (فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به) * قال الواحدي ملء الشيء قدر ما يملؤه وانتصب * (ذهبا) * على التفسير، ومعنى التفسير: أن يكون الكلام تاما إلا أن يكون مبهما كقوله: عندي عشرون، فالعدد معلوم، والمعدود مبهم، فإذا قلت: درهما فسرت العدد، وكذلك إذا قلت: هو أحسن الناس فقد أخبرت عن حسنه، ولم تبين في ماذا، فإذا قلت وجها أو فعلا فقد بينته ونصبته على التفسير وإنما نصبته لأنه ليس له ما يخفضه ولا ما يرفعه فلما خلا من هذين نصب لأن النصب أخف الحركات فيجعل كأنه لا عامل فيه قال صاحب " الكشاف " وقرأ الأعمش * (ذهب) * بالرفع ردا على ملء كما يقال: عندي عشرون نفسا رجال.
وههنا ثلاثة أسئلة:
السؤال الأول: لم قيل في الآية المتقدمة * (لن تقبل) * بغير فاء وفي هذه الآية * (فلن يقبل) * بالفاء؟.