ذلك، فثبت أن اليهود ليسوا على ملة إبراهيم، فبطل قول اليهود والنصارى بأن إبراهيم كان يهوديا أو نصرانيا، فهذا هو المراد من الآية والله أعلم.
قوله تعالى * (ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحآجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم لا تعلمون * ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين * إن أولى الناس بإبراهيم للذين تبعوه وهذا النبى والذين ءامنوا والله ولى المؤمنين) *.
فيه مسائل:
المسألة الأولى: قرأ عاصم وحمزة والكسائي * (ها أنتم) * بالمد والهمزة وقرأ نافع وأبو عمرو بغير همز ولا مد، إلا بقدر خروج الألف الساكنة وقرأ ابن كثير بالهمز والقصر على وزن * (صنعتم) * وقرأ ابن عامر بالمد دون الهمز، فمن حقق فعلى الأصل، لأنهما حرفان * (ها) * و * (أنتم) * ومن لم يمد ولم يهمز فللتخفيف من غير إخلال.
المسألة الثانية: اختلفوا في أصل * (ها أنتم) * فقيل * (ها) * تنبيه والأصل * (أنتم) * وقيل أصله * (أأنتم) * فقلبت الهمزة الأولى هاء كقولهم هرقت الماء وأرقت و * (هؤلاء) * مبني على الكسر وأصله أولاء دخلت عليه ها التنبيه، وفيه لغتان: القصر والمد، فإن قيل: أين خبر أنتم في قوله ها أنتم؟ قلنا في ثلاثة أوجه الأول: قال صاحب " الكشاف " * (ها) * للتنبيه و * (أنتم) * مبتدأ و * (هؤلاء) * خبره و * (حاججتم) * جملة مستأنفة مبينة للجملة الأولى بمعنى: أنتم هؤلاء الأشخاص الحمقى وبيان حماقتكم وقلة عقولكم أنكم وإن جادلتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم؟ والثاني: أن يكون * (أنتم) * مبتدأ، وخبر * (هؤلاء) * بمعنى أولاء على معنى الذي وما بعده صلة له الثالث: أن يكون * (أنتم) * مبتدأ * (وهؤلاء) * عطف بيان * (وحاججتم) * خبره وتقديره: أنتم يا هؤلاء حاججتم.