عنه يكون أعظم أنواع العقاب لكونه قادرا على ما لا نهاية له، وأنه لا قدرة لأحد على دفعه ومنعه مما أراد.
والقول الثاني: أن النفس ههنا تعود إلى اتخاذ الأولياء من الكفار، أي ينهاهم الله عن نفس هذا الفعل.
ثم قال: * (وإلى الله المصير) * والمعنى: إن الله يحذركم عقابه عند مصيركم إلى الله.
* (قل إن تخفوا ما فى صدوركم أو تبدوه يعلمه الله ويعلم ما فى السماوات وما فى الارض والله على كل شىء قدير) *.
إعلم أنه تعالى لما نهى المؤمنين عن اتخاذ الكافرين أولياء ظاهرا وباطنا واستثنى عنه التقية في الظاهر أتبع ذلك بالوعيد على أن يصير الباطن موافقا للظاهر في وقت التقية، وذلك لأن من أقدم عند التقية على إظهار الموالاة، فقد يصير إقدامه على ذلك الفعل بحسب الظاهر سببا لحصول تلك الموالاة في الباطن، فلا جرم بين تعالى أنه عالم بالبواطن كعلمه بالظواهر، فيعلم العبد أنه لا بد أن يجازيه على كل ما عزم عليه في قلبه، وفي الآية سؤالات:
السؤال الأول: هذه الآية جملة شرطية فقوله * (إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه) * شرط وقوله * (يعلمه الله) * جزاء ولا شك أن الجزاء مترتب على الشرط متأخر عنه، فهذا يقتضي حدوث علم الله تعالى.
والجواب: أن تعلق علم الله تعالى بأنه حصل الآن لا يحصل إلا عند حصوله الآن، ثم إن هذه التبدل والتجدد إنما وقع في النسب والإضافات والتعليقات لا في حقيقة العلم، وهذه المسألة لها غور عظيم وهي مذكورة في علم الكلام.
السؤال الثاني: محل البواعث والضمائر هو القلب، فلم قال: * (إن تخفوا ما في صدوركم) * ولم يقل إن تخفوا ما في قلوبكم؟.
الجواب: لأن القلب في الصدر، فجاز إقامة الصدر مقام القلب كما قال: * (يوسوس في صدور الناس) * (الناس: 5) وقال: * (فإنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور) * (الحج: 46).