والمتشابه فيلبسون على الضعفاء أحد الأمرين بالآخر كما يفعله كثير من المشبهة، وهذا قول القاضي ورابعها: أنهم كانوا يقولون محمدا معترف بأن موسى عليه السلام حق، ثم إن التوراة دالة على أن شرع موسى عليه السلام لا ينسخ وكل ذلك إلقاء للشبهات.
أما قوله تعالى: * (وتكتمون الحق) * فالمراد أن الآيات الموجودة في التوراة الدالة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم كان الاستدلال بها مفتقرا إلى التفكر والتأمل، والقوم كانوا يجتهدون في إخفاء تلك الألفاظ التي كان بمجموعها يتم هذا الاستدلال مثل ما أن أهل البدعة في زماننا يسعون في أن لا يصل إلى عوامهم دلائل المحققين.
أما قوله * (وأنتم تعلمون) * ففيه وجوه أحدها: إنكم تعلمون أنكم إنما تفعلون ذلك عنادا وحسدا وثانيها: * (وأنتم تعلمون) * أي أنتم أرباب العلم والمعرفة لا أرباب الجهل والخرافة وثالثها: * (وأنتم تعلمون) * أن عقاب من يفعل مثل هذه الأفعال عظيم.
المسألة الثالثة: قال القاضي: قوله تعالى: * (لم تكفرون) * و * (لم تلبسون الحق بالباطل) * دال على أن ذلك فعلهم، لأنه لا يجوز أن يخلقه فيهم، ثم يقول: لم فعلتم؟ وجوابه: أن الفعل يتوقف على الداعية فتلك الداعية إن حدثت لا لمحدث لزم نفي الصانع، وإن كان محدثها هو العبد افتقر إلى إرادة أخرى وإن كان محدثها هو الله تعالى لزمكم ما ألزمتموه علينا والله أعلم.
قوله تعالى * (وقالت طآئفة من أهل الكتاب ءامنوا بالذي انزل على الذين ءامنوا وجه النهار واكفروا ءاخره لعلهم يرجعون) *.
اعلم أنه تعالى لما حكى عنهم أنهم يلبسون الحق بالباطل أردف ذلك بأن حكى عنهم نوعا واحدا من أنواع تلبيساتهم، وهو المذكور في هذه الآية وههنا مسائل:
المسألة الأولى: قول بعضهم لبعض * (آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار) * ويحتمل أن يكون المراد كل ما أنزل وأن يكون المراد بعض ما أنزل.
أما الاحتمال الأول: ففيه وجوه الأول: أن اليهود والنصارى استخرجوا حيلة في