الكفار، فكانت هيبتهم باقية في قلوبهم واستعظامهم مقررا في نفوسهم فكانوا لهذا السبب يهابونهم ويخافون منهم.
ثم قال تعالى: * (فاتقوا الله) * أي في الثبات مع رسوله * (لعلكم تشكرون) * بتقواكم ما أنعم به عليكم من نصرته أو لعل الله ينعم عليكم نعمة أخرى تشكرونها، فوضع الشكر موضع الإنعام، لأنه سبب له.
قوله تعالى * (إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة ءالاف من الملائكة منزلين) *.
فيه مسائل: المسألة الأولى: اختلف المفسرون في أن هذا الوعد حصل يوم بدر، أو يوم أحد ويتفرع على هذين القولين بيان العامل في * (إذ) * فإن قلنا هذا الوعد حصل يوم بدر كان العامل في * (إذ) * قوله * (نصركم الله) * (آل عمران: 123) والتقدير: إذ نصركم الله ببدر وأنتم أذلة تقول للمؤمنين، وإن قلنا إنه حصل يوم أحد كان ذلك بدلا ثانيا من قوله * (وإذ غدوت) *.
إذا عرفت هذا فنقول:
القول الأول: أنه يوم أحد، وهو مروي عن ابن عباس والكلبي والواقدي ومقاتل ومحمد بن إسحاق، والحجة عليه من وجوه:
الحجة الأولى: أن يوم بدر إنما أمد رسول الله صلى الله عليه وسلم بألف من الملائكة قال تعالى في سورة الأنفال: * (إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أنى ممدكم بألف من الملائكة) * (الأنفال: 9) فكيف يليق ما ذكر فيه ثلاثة آلاف وخمسة آلاف بيوم بدر؟.
الحجة الثانية: أن الكفار كانوا يوم بدر ألفا أو ما يقرب منه والمسلمون كانوا على الثلث منهم لأنهم كانوا ثلثمائة وبضعة عشر، فأنزل الله تعالى يوم بدر ألفا من الملائكة، فصار عدد الكفار مقابلا بعدد الملائكة مع زيادة عدد المسلمين فلا جرم وقعت الهزيمة على الكفار فكذلك يوم أحد كان عدد المسلمين ألفا، وعدد الكفار ثلاثة آلاف، فكان عدد المسلمين على الثلث من عدد الكفار في هذا اليوم، كما في يوم بدر، فوعدهم الله في هذا اليوم أن ينزل ثلاثة آلاف من الملائكة