الخطاب لنبي الله (ص)، والمراد بحكمه جميع من لزمته فرائض الله، يدل على ذلك ابتداؤه الوصية بقوله جل ثناؤه: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما فوجه الخطاب بقوله وقضى ربك إلى نبي الله (ص)، ثم قال ألا تعبدوا إلا إياه فرجع بالخطاب به إلى الجميع، ثم صرف الخطاب بقوله إما يبلغن عندك إلى إفراده به. والمعني بكل ذلك جميع من لزمته فرائض الله عز وجل، أفرد بالخطاب رسول الله (ص) وحده، أو عم به هو وجميع أمته.
وقوله: والمسكين وهو الذلة من أهل الحاجة. وقد دللنا فيما مضى على معنى المسكين بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. وقوله وابن السبيل يعني: المسافر المنقطع به، يقول تعالى: وصل قرابتك، فأعطه حقه من صلتك إياه، والمسكين ذا الحاجة، والمجتاز بك المنقطع به، فأعنه، وقوه على قطع سفره. وقد قيل: إنما عنى بالأمر بإتيان ابن السبيل حقه أن يضاف ثلاثة أيام.
والقول الأول عندي أولى بالصواب، لان الله تعالى لم يخصص من حقوقه شيئا دون شئ في كتابه، ولا على لسان رسوله، فذلك عام في كل حق له أن يعطاه من ضيافة أو حمولة أو معونة على سفره.
وقوله ولا تبذر تبذيرا يقول: ولا تفرق يا محمد ما أعطاك الله من مال في معصيته تفريقا. وأصل التبذير: التفريق في السرف ومنه قول الشاعر:
أناس أجارونا فكان جوارهم * أعاصير من فسق العراق المبذر وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
16790 - حدثني محمد بن عبيد المحاربي، قال: ثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن أبي العبيدين، قال: قال عبد الله في قوله ولا تبذر تبذيرا قال: التبذير في غير الحق، وهو الاسراف.