سلط على بني إسرائيل في المرة الأولى بعد قتلهم شعياء. حدثنا بذلك ابن حميد، عن سلمة عنه.
وأما إفسادهم في الأرض المرة الآخرة، فلا اختلاف بين أهل العلم أنه كان قتلهم يحيى بن زكريا. وقد اختلفوا في الذي سلطه الله عليهم منتقما به منهم عند ذلك، وأنا ذاكر اختلافهم في ذلك إن شاء الله.
وأما قوله: ولتعلن علوا كبيرا فقد ذكرنا قول من قال: يعني به: استكبارهم على الله بالجرأة عليه، وخلافهم أمره. وكان مجاهد يقول في ذلك ما:
16652 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ولتعلن علوا كبيرا قال: ولتعلن الناس علوا كبيرا.
حدثنا الحارث، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
وأما قوله: فإذا جاء وعد أولاهما يعني: فإذا جاء وعد أولى المرتين اللتين يفسدون بهما في الأرض كما:
16653 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
فإذا جاء وعد أولاهما قال: إذا جاء وعد أولى تينك المرتين اللتين قضينا إلى بني إسرائيل لتفسدن في الأرض مرتين.
وقوله: بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار، وكان وعدا مفعولا يعني تعالى ذكره بقوله: بعثنا عليكم وجهنا إليكم، وأرسلنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد يقول: ذوي بطش في الحروب شديد. وقوله: فجاسوا خلال الديار، وكان وعدا مفعولا يقول: فترددوا بين الدور والمساكن، وذهبوا وجاءوا. يقال فيه:
جاس القوم بين الديار وجاسوا بمعنى واحد، وجست أنا أجوس جوسا وجوسانا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، روي الخبر عن ابن عباس:
16654 - حدثني علي بن داود، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس فجاسوا خلال الديار قال: مشوا.
وكان بعض أهل المعرفة بكلام العرب من أهل البصرة يقول: معنى جاسوا: قتلوا، ويستشهد لقوله ذلك ببيت حسان: