يعني بالفواسق: الإبل المنعدلة عن قصد نجد، وكذلك الفسق في الدين إنما هو الانعدال عن القصد، والميل عن الاستقامة. ويحكى عن العرب سماعا: فسقت الرطبة من قشرها: إذا خرجت منه، وفسقت الفأرة: إذا خرجت من جحرها. وكان بعض أهل العربية من أهل البصرة يقول: إنما قيل: (ففسق عن أمر ربه) لأنه مراد به: ففسق عن رده أمر الله، كما تقول العرب: اتخمت عن الطعام، بمعنى: اتخمت لما أكلته. وقد بينا القول في ذلك، وأن معناه: عدل وجار عن أمر الله، وخرج عنه. وقال بعض أهل العلم بكلام العرب: معنى الفسق: الاتساع. وزعم أن العرب تقول: فسق في النفقة: بمعنى اتسع فيها. قال: وإنما سمى الفاسق فاسقا، لاتساعه في محارم الله. وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
17433 - حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى " ح "، وحدثني الحرث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله تعالى (ففسق عن أمر ربه) قال: في السجود لآدم.
* - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، في قوله (ففسق عن أمر ربه) قال: عصى في السجود لآدم.
وقوله: (أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو) يقول تعالى ذكره:
أفتوالون يا بني آدم من استكبر على أبيكم وحسده، وكفر نعمتي عليه، وغره حتى أخرجه من الجنة ونعيم عيشه فيها إلى الأرض وضيق العيش فيها، وتطيعونه وذريته من دون الله مع عداوته لكم قديما وحديثا، وتتركون طاعة ربكم الذي أنعم عليكم وأكرمكم، بأن أسجد لوالدكم ملائكته، وأسكنه جناته، وآتاكم من فواضل نعمه ما لا يحصى عدده، وذرية إبليس: الشياطين الذين يغرون بني آدم. كما:
17434 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج،، عن ابن جريج، عن مجاهد (أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني) قال: ذريته: هم الشياطين، وكان يعدهم " زلنبور " صاحب الأسواق ويضع رايته في كل سوق ما بين السماء والأرض، و " ثبر " صاحب المصائب، و " الأعور " صاحب الزنا و " مسوط " صاحب الاخبار، يأتي بها فيلقيها