كان عليه لأبيهم: (و) أذكر يا محمد (إذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس) الذي يطيعه هؤلاء المشركون ويتبعون أمره، ويخالفون أمر الله، فإنه لم يسجد له استكبارا على الله، وحسدا لآدم (كان من الجن).
واختلف أهل التأويل في معنى قوله (كان من الجن) فقال بعضهم: إنه كان من قبلة يقال لهم الجن. وقال آخرون: بل كان من خزان الجنة، فقال فنسب إلى الجنة. وقال آخرون:
بل قيل من الجن، لأنه من الجن الذين استجنوا عن أعين بني آدم. ذكر من قال ذلك:
عن طاوس، عن ابن عباس قال: كان اسمه قبل أن يركب المعصية عزازيل، وكان من سكان الأرض، وكان من أشد الملائكة اجتهادا وأكثرهم علما، فذلك هو الذي دعاه إلى الكبر، وكان من حي يسمى جنا.
17423 - حدثنا أبو كريب، قال: ثنا عثمان بن سعيد، عن بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس، قال: كان إبليس من حي من أحياء الملائكة يقال لهم الجن، خلقوا من نار السموم من بين الملائكة، وكان اسمه الحارث. قال: وكان خازنا من خزان الجنة. قال: وخلقت الملائكة من نور غير هذا الحي. قال: وخلقت الجن الذين ذكروا في القرآن من مارج من نار، وهو لسان النار الذي يكون في طرفها إذا التهبت.
17424 - حدثنا ابن المثنى، قال: ثني شيبان، قال: سلام بن مسكين، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، قال: كان إبليس رئيس ملائكة سماء الدنيا.
* - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس: كان إبليس من أشراف الملائكة وأكرمهم قبيلة. وكان خازنا على الجنان، وكان له سلطان السماء الدنيا، وكان له سلطان الأرض، وكان فيما قضى الله أنه رأى أن له بذلك شرفا وعظمة على أهل السماء، فوقع من ذلك في قلبه كبر لا يعلمه إلا الله، فما كان عند السجود حين أمره أن يسجد لآدم استخرج الله كبره عند السجود، فلعنه وأخره إلى يوم الدين. قال: ابن عباس: وقوله: (كان من الجن) إنما سمي بالجنان أنه كان خازنا عليها، كما يقال للرجل: مكي، ومدني، وكوفي، وبصري، قاله ابن جريج.