وقال آخرون: عنى بذلك الصلاة. واختلف قائلو هذه المقالة في المعنى الذي عنى بالنهي عن الجهر به، فقال بعضهم: الذي نهى عن الجهر به منها القراءة. ذكر من قال ذلك:
17208 - حدثنا أبو كريب، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: نزلت هذه الآية ورسول الله صلى الله عليه وسلم متوار (1) (ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها) قال: كان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن، فإذا سمع ذلك المشركون سبوا القرآن ومن أنزله، ومن جاء به، قال: فقال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم (ولا تجهر بصلاتك) فيسمع المشركون (ولا تخافت بها) عن أصحابك، فلا تسمعهم القرآن حتى يأخذوا عنك (2).
* - حدثنا أبو كريب، قال: ثنا عثمان بن سعيد، قال: ثنا بشر بن عمار، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس، في قوله: (ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها) قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا جهر بالصلاة بالمسلمين بالقرآن، شق ذلك على المشركين إذا سمعوه، فيؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشتم والعيب به، وذلك بمكة، فأنزل الله: يا محمد (لا تجهر بصلاتك) يقول: لا تعلن بالقراءة بالقرآن إعلانا شديدا يسمعه المشركون فيؤذونك ولا تخافت بالقراءة بالقرآن يقول: لا تخفض صوتك حتى لا تسمع أذنيك (وابتغ بين ذلك سبيلا) يقول: اطلب بين الاعلان والجهر وبين التخافت والخفض طريقا، لا جهرا شديدا، ولا خفضا لا تسمع أذنيك، فذلك القدر، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة سقط هذا كله، يفعل الآن أي ذلك شاء.
17209 - حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله (ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها).... الآية، هذا ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة كان إذا صلى بأصحابه، فرفع صوته بالقراءة أسمع المشركين، فآذوه، فأمره الله أن لا يرفع صوته، فيسمع عدوه، ولا يخافت فلا يسمع من خلفه من المسلمين، فأمره الله أن يبتغي بين ذلك سبيلا.
* - حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا جرير، عن الأعمش، عن جعفر بن إياس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يرفع صوته بالقرآن، فكان المشركون