آبائنا، وليكن فيمن يبعث لنا منهم قصي بن كلاب، فإنه كان شيخا صدوقا، فنسألهم عما تقول، حق هو أم باطل؟ فإن صنعت ما سألناك، وصدقوك صدقناك، وعرفنا به منزلتك عند الله، وأنه بعثك بالحق رسولا، كما تقول. فقال لهم رسول الله (ص): ما بهذا بعثت، إنما جئتكم من الله بما بعثني به، فقد بلغتكم ما أرسلت به إليكم، فإن تقبلوه فهو حظكم في الدنيا والآخرة، وإن تردوه علي أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم قالوا: فإن لم تفعل لنا هذا، فخذ لنفسك، فسل ربك أن يبعث ملكا يصدقك بما تقول، ويراجعنا عنك، واسأله فليجعل لك جنانا وكنوزا وقصورا من ذهب وفضة، ويغنيك بها عما نراك تبتغي، فإنك تقوم بالأسواق، وتلتمس المعاش كما نلتمسه، حتى نعرف فضل منزلتك من ربك إن كنت رسولا كما تزعم، فقال لهم رسول الله (ص): ما أنا بفاعل، ما أنا بالذي يسأل ربه هذا، وما بعثت إليكم بهذا، ولكن الله بعثني بشيرا ونذيرا، فإن تقبلوا ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة، وإن تردوه علي أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم قالوا: فأسقط السماء علينا كسفا، كما زعمت أن ربك إن شاء فعل، فإنا لا نؤمن لك إلا أن تفعل، فقال رسول الله (ص): ذلك إلى الله إن شاء فعل بكم ذلك فقالوا: يا محمد، فما علم ربك أنا سنجلس معك، ونسألك عما سألناك عنه، ونطلب منك ما نطلب، فيتقدم إليك، ويعلمك ما تراجعنا به، ويخبرك ما هو صانع في ذلك أيضا إذ لم تقبل منا ما جئتنا به، فقد بلغنا أنه إنما يعلمك هذا رجل باليمامة يقال له الرحمن، وإنا والله ما نؤمن بالرحمن أبدا، أعذرنا إليك يا محمد، أما والله لا نتركك وما بلغت بنا حتى نهلكك أو تهلكنا، قال قائلهم: نحن نعبد الملائكة، وهن بنات الله، وقال قائلهم: لن نؤمن لك حتى تأتينا بالله والملائكة قبيلا. فلما قالوا ذلك، قام رسول الله (ص) عنهم، وقام معه عبد الله بن أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم، وهو ابن عمته ابن عاتكة ابنة عبد المطلب، فقال له: يا محمد عرض عليك قومك ما عرضوا فلم تقبله منهم، ثم سألوك لأنفسهم أمورا، ليعرفوا منزلتك من الله فلم تفعل ذلك، ثم سألوك أن
(٢٠٦)