عليه، فقال بعضهم: معنى خصوصه بذلك: هو أنها كانت فريضة عليه، وهي لغيره تطوع، وقيل له: أقمها نافلة لك: أي فضلا لك من الفرائض التي فرضتها عليك عما فرضت على غيرك. ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ومن الليل فتهجد به نافلة لك يعني بالنافلة أنها للنبي (ص) خاصة، أمر بقيام الليل وكتب عليه.
وقال آخرون: بل قيل ذلك له عليه الصلاة والسلام لأنه لم يكن فعله ذلك يكفر عنه شيئا من الذنوب، لان الله تعالى كان قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فكان له نافلة فضل، فأما غيره فهو له كفارة، وليس هو له نافلة. ذكر من قال ذلك:
17058 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثير، عن مجاهد، قال: النافلة للنبي (ص) خاصة من أجل أنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فما عمل من عمل سوى المكتوبة، فهو نافلة من أجل أنه لا يعمل ذلك في كفارة الذنوب، فهي نوافل وزيادة، والناس يعملون ما سوى المكتوبة لذنوبهم في كفارتها، فليست للناس نوافل.
وأولى القولين بالصواب في ذلك، القول الذي ذكرنا عن ابن عباس، وذلك أن رسول الله (ص) كان الله تعالى قد خصه بما فرض عليه من قيام الليل، دون سائر أمته. فأما ما ذكر عن مجاهد في ذلك، فقول لا معنى له، لان رسول الله (ص) فيما ذكر عنه أكثر ما كان استغفارا لذنوبه بعد نزول قول الله عز وجل عليه ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر وذلك أن هذه السورة أنزلت عليه بعد منصرفه من الحديبية، وأنزل عليه إذا جاء نصر الله والفتح عام قبض. وقيل له فيها فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا فكان يعد له (ص) في المجلس الواحد استغفار مئة مرة، ومعلوم أن الله لم يأمره أن يستغفر إلا لما يغفر له باستغفاره ذلك، فبين إذن وجه فساد ما قاله مجاهد.