وقال آخرون: معنى ذلك إذا قرئ كذلك: وإن كلا إلا ليوفيهم، كما يقول القائل:
لقد قمت عنا، وبالله إلا قمت عنا. ووجدت عامة أهل العلم بالعربية ينكرون هذا القول، ويأبون أن يكون جائزا توجيه لما إلى معنى إلا في اليمين خاصة وقالوا: لو جاز أن يكون ذلك بمعنى إلا جاز أن يقال: قام القوم لما أخاك، بمعنى: إلا أخاك، ودخولها في كل موضع صلح دخول إلا فيه. وأنا أرى أن ذلك فاسد من وجه هو أبين مما قاله الذين حكينا قولهم من أهل العربية إن في فساده، وهو أن إن إثبات للشئ وتحقيق له، وإلا أيضا تحقيق أيضا، وإنما تدخل نقضا لجحد قد تقدمها. فإذا كان ذلك معناها فواجب أن تكون عند متأولها التأويل الذي ذكرنا عنه، أن تكون بمعنى الجحد عنده، حتى تكون إلا نقضا لها. وذلك إن قاله قائل قول لا يخفى جهل قائله، اللهم إلا أن يخفف قارئ إن فيجعلها بمعنى إن التي تكون بمعنى الجحد. وإن فعل ذلك فسدت قراءته ذلك كذلك أيضا من وجه آخر، وهو أنه يصير حينئذ ناصبا ل كل بقوله: ليوفيهم، وليس في العربية أن ينصب ما بعد إلا من الفعل الاسم الذي قبلها، لا تقول العرب: ما زيدا إلا ضربت، فيفسد ذلك إذا قرئ كذلك من هذا الوجه إلا أن يرفع رافع الكل، فيخالف بقراءته ذلك كذلك قراءة القراء وخط مصاحف المسلمين، ولا يخرج بذلك من العيب بخروجه من معروف كلام العرب. وقد قرأ ذلك بعض قراء الكوفيين وإن كلا بتخفيف إن ونصب كلا لما مشددة. وزعم بعض أهل العربية أن قارئ ذلك كذلك أراد إن الثقيلة فخففها. وذكر عن أبي زيد البصري أنه سمع: كأن ثدييه حقان، فنصب ب كأن، والنون مخففة من كأن ومنه قول الشاعر:
ووجه مشرق النحر * كأن ثدييه حقان وقرأ ذلك بعض المدنين بتخفيف إن ونصب كلا وتخفيف لما. وقد يحتمل أن يكون قارئ ذلك كذلك قصد المعنى الذي حكيناه عن قارئ الكوفة من تخفيفه نون إن وهو يريد تشديدها، ويريد بما التي في لما التي تدخل في الكلام صلة، وأن يكون قصد