يقول تعالى ذكره: يوم يأتي القيامة أيها الناس، وتقوم الساعة لا تكلم نفس إلا بإذن ربها.
واختلفت القراء في قراءة قوله: يوم يأتي فقرأ ذلك عامة قراء أهل المدينة بإثبات الياء فيها: يوم يأتي لا تكلم نفس. وقرأ ذلك بعض قراء أهل البصرة وبعض الكوفيين بإثبات الياء فيها في الوصل وحذفها في الوقف. وقرأ ذلك جماعة من أهل الكوفة بحذف الياء في الوصل والوقف: يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه.
والصواب من القراءة في ذلك عندي: يوم يأت بحذف الياء في الوصل والوقف اتباعا لخط المصحف، وأنها لغة معروفة لهذيل، تقول: ما أدر ما تقول، ومنه قول الشاعر:
كفاك كف ما تليق درهما * جودا وأخرى تعط بالسيف الدما وقيل: لا تكلم وإنما هي لا تتكلم، فحذف إحدى التاءين اجتزاء بدلالة الباقية منهما عليها. وقوله: فمنهم شقي وسعيد وقول: فمن هذه النفوس التي لا تكلم يوم القيامة إلا بإذن ربها، شقي وسعيد وعاد على النفس، وهي في اللفظ واحدة بذكر الجميع في قوله: فمنهم شقي وسعيد يقول: تعالى ذكره: فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير لهم، وهو أول نهاق الحمار وشبهه، وشهيق وهو آخر نهيقه إذا ردده في الجوف عند فراغه من نهاقه، كما قال رؤبة بن العجاج:
حشرج في الجوف سحيلا أو شهق حتى يقال ناهق وما نهق وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:) حدثني المثنى، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: لهم فيها زفير وشهيق يقول: صوت شديد وصوت ضعيف.