* (قال رب اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين) *.
يقول تعالى ذكره: قال موسى لما تبين له عذر أخيه، وعلم أنه لم يفرط في الواجب الذي كان عليه من أمر الله في ارتكاب ما فعله الجهلة من عبدة العجل: رب اغفر لي مستغفرا من فعله بأخيه، ولأخيه من سالف له بينه وبين الله، تغمد ذنوبنا بستر منك تسترها به. وأدخلنا في رحمتك يقول: وارحمنا برحمتك الواسعة عبادك المؤمنين، فإنك أنت أرحم بعبادك من كل من رحم شيئا. القول في تأويل قوله تعالى:
* (إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي المفترين) *.
يقول تعالى ذكره: إن الذين اتخذوا العجل إلها، سينا لهم غضب من ربهم بتعجيل الله لهم ذلك، وذلة وهي الهوان، لعقوبة الله إياهم على كفرهم بربهم في الحياة الدنيا في عاجل الدنيا قبل آجل الآخرة. وكان ابن جريج يقول في ذلك بما:
11763 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله: إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي المفترين قال: هذا لمن مات ممن اتخذ العجل قبل أن يرجع موسى عليه السلام، ومن فر منهم حين أمرهم موسى أن يقتل بعضهم بعضا.
وهذا الذي قاله ابن جريج، وإن كان قولا له وجه، فإن ظاهر كتاب الله مع تأويل أكثر أهل التأويل بخلافه وذلك أن الله عم بالخبر عمن اتخذ العجل أنه سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا. وتظاهرت الاخبار عن أهل التأويل من الصحابة والتابعين بأن الله، إذ رجع إلى بني إسرائيل موسى عليه السلام، تاب على عبدة العجل من فعلهم، بما أخبر به عن قيل موسى عليه السلام في كتابه، وذلك قوله: وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ففعلوا ما أمرهم به نبيهم (ص)، فكان أمر الله إياهم بما أمرهم به من قتل بعضهم أنفس بعض، عن غضب منه