عليهم بعبادتهم العجل، فكان قتل بعضهم بعضا هوانا لهم وذلة أذلهم الله بها في الحياة الدنيا، وتوبة منهم إلى الله قبلها. وليس لاحد أن يجعل خبرا جاء الكتاب بعمومه في خاص مما عمه الظاهر بغير برهان من حجة خبر أو عقل، ولا نعلم خبرا جاء بوجوب نقل ظاهر قوله: إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم إلى باطن خاص، ولا من العقل عليه دليل، فيجب إحالة ظاهره إلى باطنه.
ويعني بقوله: وكذلك نجزي المفترين وكما جزيت هؤلاء الذين اتخذوا العجل إلها من إحلال الغضب بهم، والاذلال في الحياة الدنيا على كفرهم ربهم، وردتهم عن دينهم بعد إيمانهم بالله، وكذلك نجزي كل من افترى على الله فكذب عليه وأقر بألوهية غيره وعبد شيئا سواه من الأوثان بعد إقراره بوحدانية الله، وبعد إيمانه به وبأنبيائه ورسله وقيل ذلك، إذا لم يتب من كفره قبل قتله.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
11764 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن أيوب، قال: تلا أبو قلابة: سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا... الآية، قال: فهو جزاء كل مفتر يكون إلى يوم القيامة، أن يذله الله عز وجل.
* - حدثني المثنى، قال: ثنا أبو النعمان عارم، قال: ثنا حماد بن زيد، عن أيوب، قال: قرأ أبو قلابة يوما هذه الآية: إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي المفترين قال: هي والله لكل مفتر إلى يوم القيامة.
11765 - قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن ثابت وحميد: أن قيس بن عباد وجارية بن قدامة دخلا على علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقالا: أرأيت هذا الامر الذي أنت فيه وتدعو إليه، أعهد عهده إليك رسول الله (ص) أم رأى رأيته؟ قال: مالكما ولهذا؟
أعرضا عن هذا فقالا: والله لا نعرض عنه حتى تخبرنا. فقال: ما عهد إلي رسول الله (ص) إلا كتابا في قراب سيفي هذا. فاستله فأخرج الكتاب من قراب سيفه، وإذا فيه: إنه لم يكن نبي إلا له حرم، وإني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم عليه السلام مكة، لا يحمل فيها السلاح لقتال، من أحدث حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا