علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله: يسألونك كأنك حفي عنها يقول: كأنك يعجبك سؤالهم إياك. قل إنما علمها عند الله.
وقوله: كأنك حفي عنها يقول: لطيف بها.
فوجه هؤلاء تأويل قوله: كأنك حفي عنها إلى حفي بها، وقالوا: تقول العرب:
تحفيت له في المسألة، وتحفيت عنه. قالوا: ولذلك قيل: أتينا فلانا نسأل به، بمعنى نسأل عنه.
قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: معناه: كأنك حفي بالمسألة عنها فتعلمها.
فإن قال قائل: وكيف قيل: حفي عنها ولم يقل حفي بها، إن كان ذلك تأويل الكلام؟ قيل: إن ذلك قيل كذلك، لان الحفاوة إنما تكون في المسألة، وهي البشاشة للمسؤول عند المسألة، والاكثار من السؤال عنه، والسؤال يوصل ب عن مرة وبالباء مرة، فيقال: سألت عنه، وسألت به فلما وضع قوله حفي موضع السؤال، وصل بأغلب الحرفين اللذين يوصل بهما السؤال، وهو عن، كما قال الشاعر:
سؤال حفي عن أخيه كأنه * يذكره وسنان أو متواسن وأما قوله: قل إنما علمها عند الله فإن معناه: قل يا محمد لسائليك عن وقت الساعة وحين مجيئها: لا علم لي بذلك، ولا يعلم به إلا الله الذي يعلم غيب السماوات والأرض. ولكن أكثر الناس لا يعلمون يقول: ولكن أكثر الناس لا يعلمون أن ذلك لا يعلمه إلا الله، بل يحسبون أن علم ذلك يوجد عند بعض خلقه. القول في تأويل قوله تعالى:
* (قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): قل يا محمد لسائليك عن الساعة أيان مرساها:
لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا يقول: لا أقدر على اجتلاب نفع إلى نفسي، ولا دفع ضر يحل بها عنها إلا ما شاء الله أن أملكه من ذلك بأن يقويني عليه ويعينني. ولو كنت أعلم