(وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين) *.
يقول تعالى ذكره: ولم نجد لأكثر أهل هذه القرى التي أهلكناها واقتصصنا عليك يا محمد نبأها من عهد، يقول: من وفاء بما وصيناهم به من توحيد الله، واتباع رسله، والعمل بطاعته، واجتناب معاصيه وهجر عبادة الأوثان والأصنام. والعهد: هو الوصية، وقد بينا ذلك فيما مضى بما أغنى عن إعادته. وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين يقول: وما وجدنا أكثرهم إلا فسقة عن طاعة ربهم، تاركين عهده ووصيته. وقد بينا معنى الفسق قبل.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
11569 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله تعالى: وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين قال: القرون الماضية.
11570 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله: وما وجدنا لأكثرهم من عهد... الآية، قال: القرون الماضية وعهده الذي أخذه من بني آدم في ظهر آدم ولم يفوا به.
11571 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب: وما وجدنا لأكثرهم من عهد قال: في الميثاق الذي أخذه في ظهر آدم عليه السلام.
11572 - حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين وذلك أن الله إنما أهلك القرى لأنهم لم يكونوا حفظوا ما أوصاهم به. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ثم بعثنا من بعدهم موسى بآياتنا إلى فرعون وملئه فظلموا بها فانظر كيف كان عاقبة المفسدين) *.
يقول تعالى ذكره: ثم بعثنا من بعد نوح وهود وصالح ولوط وشعيب موسى بن