قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك ما قاله ابن عباس وابن إسحاق، من أن ذلك خبر من الله عن فريق من المؤمنين أنهم كرهوا لقاء العدو، وكان جدالهم نبي الله (ص) أن قالوا: لم يعلمنا أنا نلقى العدو فنستعد لقتالهم، وإنما خرجنا للعير. ومما يدل على صحة قوله: وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ففي ذلك الدليل الواضح لمن فهم عن الله أن القوم قد كانوا للشوكة كارهين وأن جدالهم كان في القتال كما قال مجاهد، كراهية منهم له، وأن لا معنى لما قال ابن زيد، لان الذي قبل قوله: يجادلونك في الحق خبر عن أهل الايمان، والذي يتلوه خبر عنهم، فأن يكون خبرا عنهم أولى منه بأن يكون خبرا عمن لم يجر له ذكر.
وأما قوله: بعدما تبين فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله، فقال بعضهم: معناه:
بعدما تبين لهم أنك لا تفعل إلا ما أمرك الله. ذكر من قال ذلك.
12206 - حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: بعدما تبين أنك لا تصنع إلا ما أمرك الله به.
وقال آخرون: معناه يجادلونك في القتال بعدما أمرت به. ذكر من قال ذلك.
12207 - رواه الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس.
وأما قوله كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون فإن معناه: كأن هؤلاء الذين يجادلونك في لقاء العدو من كراهتهم للقائهم إذا دعوا إلى لقائهم للقتال يساقون إلى الموت.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك.
12208 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال قال ابن إسحاق: كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون: أي كراهة للقاء القوم، وإنكارا لمسير قريش حين ذكروا لهم.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين) *.
يقول تعالى ذكره: واذكروا أيها القوم إذ يعدكم الله إحدى الطائفتين يعني: