واختلف أهل العربية في وجه دخول هو في الكلام. فقال بعض البصريين نصب الحق، لان هو والله أعلم حولت زائدة في الكلام صلة توكيد كزيادة ما، ولا تزاد إلا في كل فعل لا يستغني عن خبر، وليس هو بصفة لهذا، لأنك لو قلت: رأيت هذا هو لم يكن كلاما، ولا تكون هذه المضمرة من صفة الظاهرة، ولكنها تكون من صفة المضمرة، نحو قوله: ولكن كانوا هم الظالمين تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا لأنك تقول: وجدته هو وإياي فتكون هو صفة. وقد تكون في هذا المعنى أيضا غير صفة، ولكنها تكون زائدة كما كان في الأول. وقد تجري في جميع هذا مجرى الاسم، فيرفع ما بعدها إن كان بعدها ظاهرا أو مضمرا في لغة بني تميم، يقولون في قوله:
إن كان هذا هو الحق من عندك ولكن كانوا هم الظالمين وتجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا كما تقول: كانوا آباؤهم الظالمون، جعلوا هذا المضمر نحو هو وهما وأنت زائدا في هذا المكان. ولم تجعل مواضع الصفة، لأنه فصل أراد أن يبين به أنه ليس ما بعده صفة لما قبله، ولم يحتج إلى هذا في الموضع الذي لا يكون له خبر.
وكان بعض الكوفيين يقول: لم تدخل هو التي هي عماد في الكلام إلا لمعنى صحيح. وقال: كأنه قال: زيد قائم، فقلت أنت: بل عمرو هو القائم فهو لمعهود الاسم والألف، واللام لمعهود الفعل التي هي صلة في الكلام مخالفة لمعنى هو، لان دخولها وخروجها واحد في الكلام، وليست كذلك هو وأما التي تدخل صلة في الكلام، فتوكيد شبيه بقولهم: وجدته نفسه تقول ذلك، وليست بصفة كالظريف والعاقل. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ئ وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون ولكن أكثرهم لا يعلمون) *.
اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: تأويله: وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم: أي وأنت مقيم بين أظهرهم. قال: وأنزلت هذه على النبي (ص) وهو مقيم