ربكم يبين ذلك أن الله إنما أمر نبيه (ص) بأن يجيبهم بالخبر عن نفسه أنه إنما يتبع ما ينزل عليه ربه ويوحيه إليه، لا أنه يحدث من قبل نفسه قولا وينشئه فيدعو الناس إليه.
وحكي عن الفراء أنه كان يقول: اجتبيت الكلام واختلقته وارتجلته: إذا افتعلته من قبل نفسك.
12098 - حدثني بذلك الحرث، قال: ثنا القاسم عنه.
قال: أبو عبيد، وكان أبو زيد يقول: إنما تقول العرب ذلك للكلام يبديه الرجل لم يكن أعده قبل ذلك في نفسه. قال أبو عبيد: واخترعه مثل ذلك.
القول في تأويل قوله تعالى: قل إنما أتبع ما يوحى إلي من ربي هذا بصائر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): قل يا محمد للقائلين لك إذا لم تأتهم بآية هلا أحدثتها من قبل نفسك: إن ذلك ليس لي ولا يجوز لي فعله لان الله إنما أمرني باتباع ما يوحى إلي من عنده، فإنما أتبع ما يوحى إلي من ربي لأني عبده وإلى أمره أنتهي وإياه أطيع. هذا بصائر من ربكم يقول: هذا القرآن والوحي الذي أتلوه عليكم بصائر من ربكم، يقول: حجج عليكم، وبيان لكم من ربكم، واحدتها: بصيرة، كما قال جل ثناؤه:
هذا بصائر للناس وهدى ورحمة لقوم يؤمنون. وإنما ذكر هذا ووحد في قوله: هذا بصائر من ربكم لما وصفت من أنه مراد به القرآن والوحي. وقوله: وهدى يقول:
وبيان يهدي المؤمنين إلى الطريق المستقيم، ورحمة رحم الله به عباده المؤمنين، فأنقذهم به من الضلالة والهلكة. لقوم يؤمنون يقول: هو بصائر من الله وهدى ورحمة لمن آمن، يقول: لمن صدق بالقرآن أنه تنزيل الله ووحيه، وعمل بما فيه دون من كذب به وجحده وكفر به، بل هو على الذين لا يؤمنون به غم وخزي. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون) *.
يقول تعالى ذكره للمؤمنين به المصدقين بكتابه الذين القرآن لهم هدى ورحمة: إذا قرئ عليكم أيها المؤمنون، القرآن فاستمعوا له يقول: أصغوا له سمعكم لتتفهموا آياته وتعتبروا بمواعظه وأنصتوا إليه لتعقلوه وتتدبروه، ولا تلغوا فيه فلا تعقلوه. لعلكم