لنا وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق ودرسوا ما فيه والدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون) *.
يقول تعالى ذكره: فخلف من بعد هؤلاء القوم الذين وصف صفتهم خلف يعني خلف سوء، يقول: حدث بعدهم وخلافهم، وتبدل منهم بدل سوء، يقال منه: هو خلف صدق، وخلف سوء، وأكثر ما جاء في المدح بفتح اللام وفي الذم بتسكينها، وقد تحرك في الذم وتسكن في المدح، ومن ذلك في تسكينها في المدح قول حسان:
لنا القدم الأولى إليك وخلفنا * لأولنا في طاعة الله تابع وأحسب أنه إذا وجه إلى الفساد مأخوذ من قولهم: خلف اللبن: إذا حمض من طول تركه في السقاء حتى يفسد، فكأن الرجل الفاسد مشبه به، وقد يجوز أن يكون منه قولهم:
خلف فم الصائم: إذا تغيرت ريحه. وأما في تسكين اللام في الذم، فقول لبيد:
ذهب الذين يعاش في أكنافهم * وبقيت في خلف كجلد الأجرب وقيل: إن الخلف الذي ذكر الله في هذه الآية أنهم خلفوا من قبلهم هم النصارى. ذكر من قال ذلك:
11896 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: فخلف من بعدهم خلف قال: النصارى.
والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إن الله تعالى إنما وصف أنه خلف القوم الذين قص قصصهم في الآيات التي مضت خلف سوء ردئ، ولم يذكر لنا أنهم نصارى في كتابه، وقصتهم بقصص اليهود أشبه منها بقصص النصارى. وبعد، فإن ما قبل ذلك خبر