وقوله: إن الله سميع عليم يعني: إن الله سميع أيها المؤمنون لدعاء النبي (ص) ومناشدته ربه ومسئلته إياه إهلاك عدوه وعدوكم ولقيلكم وقيل جميع خلقه، عليم بذلك كله وبما فيه صلاحكم وصلاح عباده، وغير ذلك من الأشياء محيط به، فاتقوه وأطيعوا أمره وأمر رسوله. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ذلكم وأن الله موهن كيد الكافرين) *.
يعني جل ثناؤه بقوله: ذلكم: هذا الفعل من قتل المشركين ورميهم حتى انهزموا، وابتلاء المؤمنين البلاء الحسن بالظفر بهم وإمكانهم من قتلهم وأسرهم، فعلنا الذي فعلنا. وأن الله موهن كيد الكافرين يقول: واعلموا أن الله مع ذلك مضعف كيد الكافرين، يعني مكرهم، حتى يذلوا، وينقادوا للحق ويهلكوا. وفي فتح أن من الوجوه ما في قوله: ذلكم فذوقوه وأن للكافرين وقد بينته هنالك.
وقد اختلفت القراء في قراءة قوله: موهن. فقرأته عامة قراء أهل المدينة وبعض المكيين والبصريين: موهن بالتشديد، من وهنت الشئ: ضعفته. وقرأ ذلك عامة قراء الكوفيين: موهن من أوهنته فأنا موهنه، بمعنى أضعفته. والتشديد في ذلك أعجب إلي لان الله تعالى كان ينقض ما يبرمه المشركون لرسول الله (ص) وأصحابه، عقدا بعد عقد، وشيئا بعد شئ، وإن كان الآخر وجها صحيحا. القول في تأويل قوله تعالى:
* (إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح وإن تنتهوا فهو خير لكم وإن تعودوا نعد ولن تغني عنكم فئتكم شيئا ولو كثرت وأن الله مع المؤمنين) *.
يقول تعالى ذكره للمشركين الذين حاربوا رسول الله (ص) ببدر: إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح يعني: إن تستحكموا الله على أقطع الحزبين للرحم وأظلم الفئتين، وتستنصروه عليه، فقد جاءكم حكم الله ونصره المظلوم على الظالم، والمحق على المبطل. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
12301 - حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا المحاربي، عن جويبر، عن الضحاك: إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح قال: إن تستقضوا فقد جاءكم القضاء.