" إما " إذا كان على وجه الامر، فلا بد من أن يكون فيه أن كقولك للرجل إما أن تمضي، وإما أن تقعد، بمعنى الامر: امض أو اقعد، فإذا كان على وجه الخبر لم يكن فيه أن كقوله:
(وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم وهذا هو الذي يسمى التخيير، وكذلك كل ما كان على وجه الخبر، وإما في جميع ذلك مكسورة. القول في تأويل قوله تعالى:
* (قال ألقوا فلما ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم) *.
يقول تعالى ذكره: قال موسى للسحرة: ألقوا ما أنتم ملقون، فألقت السحرة ما معهم. فلما ألقوا ذلك سحروا أعين الناس خيلوا إلى أعين الناس بما أحدثوا من التخييل والخدع أنها تسعى. واسترهبوهم يقول: واسترهبوا الناس بما سحروا في أعينهم، حتى خافوا من العصي والحبال، ظنا منهم أنها حياة. وجاءوا كما قاله الله (بسحر عظيم): بتخييل عظيم كثير، من التخييل والخداع.
وذلك كالذي:
11599 - حدثنا موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي، قال: قال لهم موسى: ألقوا ما أنتم ملقون فألقوا حبالهم وعصيهم، وكانوا بضعة وثلاثين ألف رجل، ليس منهم رجل إلا معه حبل وعصا. فلما ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم يقول: فرقوهم فأوجس في نفسه خيفة موسى.
11600 - حدثني عبد الكريم، قال: ثنا إبراهيم بن بشار، قال: ثنا سفيان، قال:
ثنا أبو سعد، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: ألقوا حبالا غلاظا وخشبا طوالا، قال:
فأقبلت تخيل إليه من سحرهم أنها تسعى.
11601 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: صف خمسة عشر ألف ساحر، مع كل ساحر حباله وعصيه، وخرج موسى معه أخوه يتكئ على عصاه حتى أتى الجمع وفرعون في مجلسه مع أشراف مملكته، ثم قالت السحرة: يا موسى إما