12089 - حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:
وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون عنهم، ولا يرحمونهم.
قال أبو جعفر: وقد بينا أولى التأويلين عندنا بالصواب، وإنما اخترنا ما اخترنا من القول في ذلك على ما بيناه لان الله وصف في الآية قبلها أهل الايمان به وارتداعهم عن معصيته وما يكرهه إلى محبته عند تذكرهم عظمته، ثم أتبع ذلك الخبر عن إخوان الشياطين وركوبهم معاصيه، وكان الأولى وصفهم بتماديهم فيها، إذ كان عقيب الخبر عن تقصير المؤمنين عنها.
وأما قوله: يمدونهم فإن القراء اختلفت في قراءته، فقرأه بعض المدنيين:
يمدونهم بضم الياء من أمددت. وقرأته عامة قراء الكوفيين والبصريين: يمدونهم بفتح الياء من مددت.
قال أبو جعفر: والصواب من القراءة في ذلك عندنا: يمدونهم بفتح الياء، لان الذي يمد الشياطين إخوانهم من المشركين إنما هو زيادة من جنس الممدود، وإذا كان الذي مد من جنس الممدود كان كلام العرب مددت لا أمددت.
وأما قوله: يقصرون فإن القراء على لغة من قال: أقصرت أقصر، وللعرب فيه لغتان: قصرت عن الشئ، وأقصرت عنه. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا اجتبيتها قل إنما أتبع ما يوحى إلي من ربي هذا بصائر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون) *.
يقول تعالى ذكره: وإذا لم تأت يا محمد هؤلاء المشركين بآية من الله قالوا لولا اجتبيتها يقول: قالوا هلا اخترتها واصطفيتها، من قول الله تعالى: ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء يعني: يختار ويصطفي. وقد بينا ذلك في مواضعه بشواهده.
ثم اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معناه: هلا افتعلتها من قبل نفسك واختلقتها بمعنى: هلا اجتبيتها اختلاقا كما تقول العرب: لقد اختار فلان هذا الامر وتخيره اختلاقا. ذكر من قال ذلك.