ولفتح أن من قوله: وأن للكافرين من الاعراب وجهان: أحدهما الرفع، والآخر النصب. فأما الرفع فبمعنى: ذلكم فذوقوه، ذلكم وأن للكافرين عذاب النار بنية تكرير ذلكم، كأنه قيل: ذلكم الامر وهذا. وأما النصب فمن وجهين: أحدهما: ذلكم فذوقوه، واعلموا، أو وأيقنوا أن للكافرين، فيكون نصبه بنية فعل مضمر، قال الشاعر:
ورأيت زوجك في الوغى * متقلدا سيفا ورمحا بمعنى: وحاملا رمحا. والآخر بمعنى: ذلكم فذوقوه، وبأن للكافرين عذاب النار، ثم حذفت الباء فنصبت. القول في تأويل قوله تعالى:
* (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الادبار ئ ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير) *.
يعني تعالى ذكره: يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله إذا لقيتم الذين كفروا في القتال زحفا يقول: متزاحفا بعضكم إلى بعض، والتزاحف: التداني والتقارب. فلا تولوهم الادبار يقول: فلا تولوهم ظهوركم فتنهزموا عنهم، ولكن أثبتوا لهم فإن الله معكم عليهم. ومن يولهم يومئذ دبره يقول: ومن يولهم منكم ظهره إلا متحرفا لقتال يقول: إلا مستطردا لقتال عدوه بطلب عورة له يمكنه إصابتها فيكر عليه أو متحيزا إلى فئة أو إلا أن يوليهم ظهره متحيزا إلى فئة، يقول: صائرا إلى حيز المؤمنين الذين يفيئون به معهم إليهم لقتالهم ويرجعون به معهم إليهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
12273 - حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبو خالد الأحمر، عن جويبر، عن الضحاك:
إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة قال: المتحرف: المتقدم من أصحابه ليرى غرة من العدو فيصيبها. قال: والمتحيز: الفار إلى النبي (ص) وأصحابه، وكذلك من فر اليوم إلى أميره أو أصحابه. قال الضحاك: وإنما هذا وعيد من الله لأصحاب محمد (ص) أن لا يفروا، وإنما كان النبي عليه الصلاة والسلام فئتهم.