خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون بلغنا أن نبي الله (ص) يقول إذا قرأها: هذه لكم، وقد أعطي القوم بين أيديكم مثلها، ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون].
القول في تأويل قوله تعالى:
* (والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون) *.
يقول تعالى ذكره: والذين كذبوا بأدلتنا وأعلامنا، فجحدوها ولم يتذكروا بها، سنمهله بغرته ونزين له سوء عمله، حتى يحسب أنه هو فيما عليه من تكذيبه بآيات الله إلى نفسه محسن، وحتى يبلغ الغاية التي كتب له من المهل، ثم يأخذه بأعماله السيئة، فيجازيه بها من العقوبة ما قد أعد له. وذلك استدراج الله إياه. وأصل الاستدراج اغترار المستدرج بلطف من حيث يرى المستدرج أن المستدرج إليه محسن حتى يورطه مكروها. وقد بينا وجه فعل الله ذلك بأهل الكفر به فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وأملي لهم إن كيدي متين) *.
يقول تعالى ذكره: وأؤخر هؤلاء الذين كذبوا بآياتنا ملاءة بالكسر والضم والفتح من الدهر، وهي الحين، ومنه قيل: انتظرتك مليا، ليبلغوا بمعصيتهم ربهم المقدار الذي قد كتبه لهم من العقاب والعذاب ثم يقبضهم إليه. إن كيدي والكيد: هو المكر. وقوله متين يعني: قوي شديد، ومنه قول الشاعر:
عدلن عدول الناس واقبح يبتلى * أفاس من الهراب شد مماتن يعني: سيرا شديدا باقيا لا ينقطع. القول في تأويل قوله تعالى:
* (أو لم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة إن هو إلا نذير مبين) *.
يقول تعالى ذكره: أو لم يتفكر هؤلاء الذين كذبوا بآياتنا فيتدبروا بعقولهم، ويعلموا