وأما قوله: وأعرض عن الجاهلين فإنه أمر من الله تعالى نبيه (ص) أن يعرض عمن جهل. وذلك وإن كان أمرا من الله لنبيه، فإنه تأديب منه عز ذكره لخلقه باحتمال من ظلمهم أو اعتدى عليهم، لا بالاعراض عمن جهل الواجب عليه من حق الله ولا بالصفح عمن كفر بالله وجهل وحدانيته، وهو للمسلمين حرب.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك.
12075 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين قال: أخلاق أمر الله بها نبيه (ص)، ودله عليها. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم) *.
يعني جل ثناؤه بقوله: وإما ينزغنك من الشيطان نزغ وإما يغضبنك من الشيطان غضب يصدك عن الاعراض عن الجاهلين ويحملك على مجازاتهم. فاستعذ بالله يقول: فاستجر بالله من نزغه. إنه سميع عليم يقول: إن الله الذي تستعيذ به من نزع الشيطان سميع لجهل الجاهل عليك ولاستعاذتك به من نزغه ولغير ذلك من كلام خلقه، لا يخفى عليه منه شئ، عليم بما يذهب عنك نزغ الشيطان وغير ذلك من أمور خلقه.
كما:
12076 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين قال رسول الله (ص): فكيف بالغضب يا رب؟ قال: وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم.
12077 - حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:
وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم قال: علم الله أن هذا العدو منيع ومريد.
وأصل النزغ: الفساد، يقول: نزغ الشيطان بين القوم إذا أفسد بينهم وحمل بعضهم على بعض، ويقال منه: نزغ ينزغ، ونغز ينغز. القول في تأويل قوله تعالى: