القوم الذين كذبوا بحججنا وأعلامنا وأدلتنا، فسلكوا في ذلك سبيل هذا المنسلخ من آياتنا الذي آتيناها إياه في تركه العمل بما آتيناه من ذلك.
وأما قوله: فاقصص القصص فإنه يقول لنبيه محمد (ص): فاقصص يا محمد هذا القصص الذي قصصته عليك من نبأ الذي آتيناه آياتنا، وأخبار الأمم التي أخبرتك أخبارهم في هذه السورة وقصصت عليك نبأهم ونبأ أشباههم، وما حل بهم من عقوبتنا ونزل بهم، حين كذبوا رسلنا من نقمتنا على قومك من قريش ومن قبلك من يهود بني إسرائيل، ليتفكروا في ذلك فيعتبروا وينيبوا إلى طاعتنا، لئلا يحل بهم مثل الذي حل بمن قبلهم من النقم والمثلات، ويتدبره اليهود من بني إسرائيل فيعلموا حقيقة أمرك وصحة نبوتك، إذ كان نبأ الذي آتيناه آياتنا من خفي علومهم ومكنون أخبارهم لا يعلمه إلا أحبارهم ومن قرأ الكتب ودرسها منهم، وفي علمك بذلك وأنت أمي لا تكتب ولا تقرأ ولا تدرس الكتب ولم تجالس أهل العلم الحجة البينة لك عليهم بأنك لله رسول، وأنك لم تعلم ما علمت من ذلك، وحالك الحال التي أنت بها إلا بوحي من السماء.
وبنحو ذلك كان أبو النضر يقول.
11979 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن محمد، عن سالم أبي النضر:
فاقصص القصص لعلهم يتفكرون يعني: بني إسرائيل، إذ قد جئتهم بخبر ما كان فيهم مما يخفون عليك، لعلهم يتفكرون، فيعرفون أنه لم يأت بهذا الخبر عما مضى فيهم إلا نبي يأتيه خبر السماء.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (ساء مثلا القوم الذين كذبوا بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون) *.
يقول تعالى ذكره: ساء مثلا القوم الذين كذبوا بحجج الله وأدلته فجحدوها، وأنفسهم كانوا ينقصون حظوظها، ويبخسونها منافعها بتكذيبهم بها لا غيرها. وقيل: ساء مثلا من الشر، بمعنى: بئس مثلا. وأقيم القوم مقام المثل، وحذف المثل، إذ كان الكلام مفهوما معناه، كما قال جل ثناؤه: ولكن البر من آمن بالله فإن معناه: ولكن البر بر من آمن بالله. وقد بينا نظائر ذلك في مواضع غير هذا بما أغنى عن إعادته. القول في تأويل قوله تعالى: