* (ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم أولئك هم الخاسرون) *.
يقول تعالى ذكره: يحشر الله هؤلاء الذين كفروا بربهم، وينفقون أموالهم للصد عن سبيل الله إلى جهنم، ليفرق بينهم وهم أهل الخبث كما قال وسماهم الخبيث، وبين المؤمنين بالله وبرسوله، وهم الطيبون، كما سماهم جل ثناؤه. فميز جل ثناؤه بينهم بأن أسكن أهل الايمان به وبرسوله جناته، وأنزل أهل الكفر ناره.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
12468 - حدثني المثنى، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: ليميز الله الخبيث من الطيب فميز أهل السعادة من أهل الشقاوة.
12469 - حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي، قال: ثم ذكر المشركين، وما يصنع بهم يوم القيامة، فقال: ليميز الله الخبيث من الطيب يقول: يميز المؤمن من الكافر. فيجعل الخبيث بعضه على بعض.
ويعني جل ثناؤه بقوله: ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيجعل الكفار بعضهم فوق بعض. فيركمه جميعا يقول: فنجعلهم ركاما، وهو أن يجمع بعضهم إلى بعض حتى يكثروا، كما قال جل ثناؤه في صفة السحاب: ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما: أي مجتمعا كثيفا. وكما:
12470 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
فيركمه جميعا قال: فيجمعه جميعا بعضه على بعض.
وقوله: فيجعله في جهنم يقول: فيجعل الخبيث جميعا في جهنم، فوحد الخبر عنهم لتوحيد قوله: ليميز الله الخبيث، ثم قال: أولئك هم الخاسرون فجمع ولم يقل: ذلك هو الخاسر، فرده إلى أول الخبر. ويعني ب أولئك الذين كفروا، وتأويله:
هؤلاء الذين ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله هم الخاسرون. ويعني بقوله: