والحائط أنث الدار وذكر الحائط. وقال بعضهم: إنما أراد بقوله: ذات بينكم: الحال التي للبين فقال: وكذلك ذات العشاء يريد الساعة التي فيها العشاء. قال: ولم يضعوا مذكرا لمؤنث ولا مؤنثا لمذكر إلا لمعنى.
قال أبو جعفر: هذا القول أولى القولين بالصواب للعلة التي ذكرتها له.
وأما قوله: وأطيعوا الله ورسوله فإن معناه: وانتهوا أيها القوم الطالبون الأنفال إلى أمر الله وأمر رسوله فيما أفاء الله عليكم، فقد بين لكم وجوهه وسبله. إن كنتم مؤمنين يقول: إن كنتم مصدقين رسول الله فيما آتاكم به من عند ربكم. كما:
12179 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد: فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين فسلموا لله ولرسوله يحكمان فيها بما شاءا، ويضعانها حيث أرادا. القول في تأويل قوله تعالى:
* (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون) *.
يقول تعالى ذكره: ليس المؤمن بالذي يخالف الله ورسوله ويترك اتباع ما أنزله إليه في كتابه من حدوده وفرائضه والانقياد لحكمه، ولكن المؤمن هو الذي إذا ذكر الله وجل قلبه وانقاد لامره وخضع لذكره خوفا منه وفرقا من عقابه، وإذا قرئت عليه آيات كتابه صدق بها وأيقن أنها من عند الله، فازداد بتصديقه بذلك إلى تصديقه بما كان قد بلغه منه قبل ذلك تصديقا وذلك هو زيادة ما تلى عليهم من آيات الله إياهم إيمانا. وعلى ربهم يتوكلون يقول: وبالله يوقنون في أن قضاءه فيهم ماض فلا يرجون غيره ولا يرهبون سواه.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك.
12180 - حدثني المثنى، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم قال: المنافقون لا يدخل قلوبهم شئ من ذكر الله عند أداء فرائضه، ولا يؤمنون بشئ من آيات الله، ولا يتوكلون على الله، ولا يصلون إذا غابوا، ولا يؤدون زكاة أموالهم. فأخبر الله سبحانه أنهم ليسوا بمؤمنين، ثم وصف المؤمنين فقال: إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم