يدل على أنه خبر من الله عن قيل بني آدم بعضهم لبعض، لأنه جل ثناؤه قال: وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا فكأنه قيل: فقال الذين شهدوا على المقرين حين أقروا، فقالوا: بلى شهدنا عليكم بما أقررتم به على أنفسكم كيلا تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين. القول في تأويل قوله تعالى:
* (أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون) *.
يقول تعالى ذكره: شهدنا عليكم أيها المقرون بأن الله ربكم، كيلا تقولوا يوم القيامة:
إنا كنا عن هذا غافلين، إنا كنا لا نعلم ذلك وكنا في غفلة منه، أو تقولوا: إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم اتبعنا منهاجهم أفتهلكنا بإشراك من أشرك من آبائنا، واتباعنا منهاجهم على جهل منا بالحق؟
ويعني بقوله بما فعل المبطلون: بما فعل الذين أبطلوا في دعواهم إلها غير الله.
واختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأه بعض المكيين والبصريين: أن يقولوا بالياء، بمعنى: شهدنا لئلا يقولوا على وجه الخبر عن الغيب. وقرأ ذلك عامة قراء أهل المدينة والكوفة: أن تقولوا بالتاء على وجه الخطاب من الشهود للمشهود عليهم.
والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان صحيحتا المعنى متفقتا التأويل وإن اختلفت ألفاظهما، لان العرب تفعل ذلك في الحكاية، كما قال الله: لتبيننه للناس وليبيننه، وقد بينا نظائر ذلك فيما مضى بما أغنى عن إعادته. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وكذلك نفصل الآيات ولعلهم يرجعون) *.
يقول تعالى ذكره: وكما فصلنا يا محمد لقومك آيات هذه السورة، وبينا فيها ما فعلنا بالأمم السالفة قبل قومك، وأحللنا بهم من المثلات بكفرهم وإشراكهم في عبادتي غيري، كذلك نفصل الآيات غيرها ونبينها لقومك، لينزجروا ويرتدعوا، فينيبوا إلى طاعتي ويتوبوا من شركهم وكفرهم، فيرجعوا إلى الايمان والاقرار بتوحيدي وإفراد الطاعة لي وترك عبادة ما سواي. القول في تأويل قوله تعالى: