* (والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة حبطت أعمالهم هل يجزون إلا ما كانوا يعملون) *.
يقول تعالى ذكره: هؤلاء المستكبرون في الأرض بغير الحق، وكل مكذب حجج الله ورسله وآياته، وجاحد أنه يوم القيامة مبعوث بعد مماته، ومنكر لقاء الله في آخرته، ذهبت أعمالهم فبطلت، وحصلت لهم أوزارها فثبتت، لأنهم عملوا لغير الله وأتعبوا أنفسهم في غير ما يرضى الله، فصارت أعمالهم عليهم وبالا، يقول الله جل ثناؤه: هل يجزون إلا ما كانوا يعملون يقول: هل ينالون إلا ثواب ما كانوا يعملون، فصار ثواب أعمالهم الخلود في نار أحاط بهم سرادقها، إذ كانت أعمالهم في طاعة الشيطان دون طاعة الرحمن نعوذ بالله من غضبه. وقد بينا معنى الحبوط والجزاء والآخرة فيما مضى بما أغنى عن إعادته.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين) *.
يقول تعالى ذكره: واتخذ بنو إسرائيل قوم موسى من بعد ما فارقهم موسى ماضيا إلى ربه لمناجاته ووفاء للوعد الذي كان ربه وعده من حليهم عجلا، وهو ولد البقرة، فعبدوه.
ثم بين تعالى ذكره ما ذلك العجل فقال: جسدا له خوار والخوار: صوت البقر. يخبر جل ذكره عنهم أنهم ضلوا بما لا يضل بمثله أهل العقل، وذلك أن الرب جل جلاله الذي له ملك السماوات والأرض ومدبر ذلك، لا يجوز أن يكون جسدا له خوار، لا يكلم أحدا ولا يرشد إلى خير. وقال هؤلاء الذين قص الله قصصهم لذلك هذا إلهنا وإله موسى، فعكفوا عليه يعبدونه جهلا منهم وذهابا عن الله وضلالا. وقد بينا سبب عبادتهم إياه وكيف كان اتخاذ من اتخذ منهم العجل فيما مضى بما أغنى عن إعادته.
وفي الحلي لغتان: ضم الحاء وهو الأصل، وكسرها، وكذلك ذلك في كل ما شاكله