وأما قول من قال: معنى ذلك إذا قرئ مردفين بفتح الدال: أن الله أردف المسلمين بهم، فقول لا معنى له إذ الذكر الذي في مردفين من الملائكة دون المؤمنين.
وإنما معنى الكلام: أن يمدكم بألف من الملائكة يردف بعضهم ببعض، ثم حذف ذكر الفاعل، وأخرج الخبر غير مسمى فاعله، فقيل: مردفين بمعنى: مردف بعض الملائكة ببعض، ولو كان الامر على ما قاله من ذكرنا قوله وجب أن يكون في المردفين ذكر المسلمين لا ذكر الملائكة، وذلك خلاف ما دل عليه ظاهر القرآن.
وقد ذكر في ذلك قراءة أخرى، وهي ما:
12243 - حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: قال عبد الله بن يزيد: مردفين، ومردفين و مردفين، مثقل على معنى: مرتدفين.
12244 - حدثنا المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا يعقوب بن محمد الزهري، قال: ثني عبد العزيز بن عمران عن الربعي، عن أبي الحويرث، عن محمد بن جبير، عن علي رضي الله عنه، قال: نزل جبريل في ألف من الملائكة عن ميمنة النبي (ص)، وفيها أبو بكر رضي الله عنه، ونزل ميكائيل عليه السلام في ألف من الملائكة عن ميسرة النبي (ص)، وأنا فيها. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم) *.
يقول تعالى ذكره: لم يجعل الله إرداف الملائكة بعضها بعضا وتتابعها بالمصير إليكم أيها المؤمنون مددا لكم إلا بشرى لكم: أي بشارة لكم تبشركم بنصر الله إياكم على أعدائكم. ولتطمئن به قلوبكم يقول: ولتسكن قلوبكم بمجيئها إليكم، وتوقن بنصرة الله لكم، وما النصر إلا من عند الله: يقول: وما تنصرون على عدوكم أيها المؤمنون إلا أن ينصركم الله عليهم، لا بشدة بأسكم وقواكم، بل بنصر الله لكم، لان ذلك بيده وإليه، ينصر من يشاء من خلقه. إن الله عزيز حكيم يقول: إن الله الذي ينصركم وبيده نصر من يشاء من خلقه، عزيز لا يقهره شئ، ولا يغلبه غالب، بل يقهر كل شئ ويغلبه، لأنه خلقه حكيم، يقول: حكيم في تدبيره ونصره من نصر، وخذلانه من خذل من خلقه، لا يدخل تدبيره وهن ولا خلل.