أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم فكيف آسى على قوم كافرين. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص) معرفه سنته في الأمم التي قد خلت من قبل أمته، ومذكرا من كفر به من قريش لينزجروا عما كانوا عليه مقيمين من الشرك بالله والتكذيب لنبيه محمد (ص): وما أرسلنا في قرية من نبي قبلك، إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء وهو البؤس وشظف المعيشة وضيقها والضراء: وهي الضر وسوء الحال في أسباب دنياهم. لعلهم يضرعون: يقول: فعلنا ذلك ليتضرعوا إلى ربهم، ويستكينوا إليه، وينيبوا بالاقلاع عن كفرهم، والتوبة من تكذيب أنبيائهم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
11550 - حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: أخذنا أهلها بالبأساء والضراء يقول: بالفقر والجوع.
وقد ذكرنا فيما مضى الشواهد على صحة القول بما قلنا في معنى البأساء والضراء بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. وقيل: يضرعون، والمعنى: يتضرعون، ولكن أدغمت التاء في الضاد، لتقارب مخرجهما. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون) *.
يقول تعالى ذكره: ثم بدلنا أهل القرية التي أخذنا أهلها بالبأساء والضراء، مكان السيئة، وهي البأساء والضراء. وإنما جعل ذلك سيئة، لأنه مما يسوء الناس، ولا تسوؤهم الحسنة، وهي الرخاء والنعمة والسعة في المعيشة. حتى عفوا يقول: حتى كثروا، وكذلك كل شئ كثر، فإنه يقال فيه: قد عفا، كما قال الشاعر: