القول في تأويل قوله تعالى: إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم.
يقول تعالى ذكره: إن ربك يا محمد لسريع عقابه إلى من استوجب منه العقوبة على كفره به ومعصيته له. وإنه لغفور رحيم يقول: وإنه لذو صفح عن ذنوب من تاب من ذنوبه فأناب وراجع طاعته، يستر عليها بعفوه عنها، رحيم له أن يعاقبه على جرمه بعد توبته منها، لأنه يقبل التوبة ويقيل العثرة. القول في تأويل قوله تعالى: * ( وقطعناهم في الأرض أمما منهم الصالحون ومنهم دون ذلك وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون) *.
يقول تعالى ذكره: وفرقنا بني إسرائيل في الأرض أمما، يعني جماعات شتى متفرقين. كما:
11894 - حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا إسحاق بن إسماعيل، عن يعقوب، عن جعفر، عن سعيد بن حبير، عن ابن عباس: وقطعناهم في الأرض أمما قال: في كل أرض يدخلها قوم من اليهود.
11895 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: وقطعناهم في الأرض أمما قال: يهود.
وقوله: منهم الصالحون يقول: من هؤلاء القوم الذين وصفهم الله من بني إسرائيل الصالحون، يعني: من يؤمن بالله ورسله. ومنهم دون ذلك يعني: دون الصالح. وإنما وصفهم الله جل ثناؤه بأنهم كانوا كذلك قبل ارتدادهم عن دينهم وقبل كفرهم بربهم، وذلك قبل أن يبعث فيهم عيسى ابن مريم صلوات الله عليه.
وقوله: وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون يقول: واختبرناهم بالرخاء في العيش، والخفض في الدنيا، والدعة والسعة في الرزق، وهي الحسنات التي ذكرها جل ثناؤه. ويعني بالسيئات: الشدة في العيش، والشظف فيه، والمصائب والرزايا في الأموال. لعلهم يرجعون يقول: ليرجعوا إلى طاعة ربهم، وينيبوا إليها، ويتوبوا من معاصيه. القول في تأويل قوله تعالى:
* (فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر